المطلب الثالث
في شرائط الموقوف
وهي أن يكون عينا مملوكا يمكن الانتفاع بها مع بقائه ، وأن يكون لها البقاء مدّة معتدّة بها ، وأن يكون نفعه محلّلا ، وأن لا يكون متعلّقا لحقّ الغير ، بحيث يكون ذلك الحقّ مانعا عن التصرّف فيها ، وأن تكون ممّا يمكن إقباضها.
أمّا الشرط الأوّل : فلأنّه لو كان منفعة ، فلا يمكن تحقّق حقيقة الوقف الذي هو عبارة عن حبس الأصل وتسبيل ثمرته ، لأنّ تسبيل الثمرة ينطبق على نفس أصل الموقوف الذي هي المنفعة ، فلا يبقى له أصل حتّى يحبس.
فبناء على هذا الشرط لا يصحّ وقف المنافع ، كمنفعة الدار أو الدكان أو الخان التي ملكها بالإجارة ، وإن كانت لمدّة طويلة.
وأيضا لا يصحّ أن يكون دينا في ذمّة غيره ، كما لو كان له شيئا في ذمّة غيره.
وأيضا لا يصحّ أن يكون كلّيا في ذمّة نفسه.
والوجه فيهما أيضا عدم صحّة اعتبار الحبس ولو في عالم الاعتبار ، لأنّ الكلّي في ذمّة غيره أو في ذمّة نفسه ، حيث أنّه غير معيّن ، فلا معنى لحبسه وتسبيل ثمرته.
وقياسه على صحّة وقوع البيع والصلح عليه لا وجه له ، وذلك من جهة أنّ تلك النواقل الشرعيّة مفادها نقل ما في ذمّته إلى الغير ، فيملك ذلك الغير في ذمته ذلك الكلّي ، أو نقل ما يملكه في ذمّة الغير إلى غيره ، ولا يتصور مانع في كلا الفرضين ، بخلاف الوقف ، فإنّ تحقّقه موقوف على حبس شيء تكون له ثمرة وتسبيل ثمرته ، ومثل ذلك في الكلّي الذي في ذمّته أو يملكه في ذمّة غيره ليس له اعتبار عقلائي.
وإن شئت قلت : كما أنّه لا يحبس الكلّي وطبيعة صرف وجود الإنسان مثلا في الحبس التكويني ، كذلك يكون الأمر في الحبس التشريعي. وإن أبيت إلاّ عن إمكانه وعدم وجود مانع في البين ، ففي الإجماع غنى وكفاية ، حيث أنّ عدم صحّة الوقف