يجوز أن يتصرّف فيه بنحو الاستقلال لا بنحو التشريك ، فإذا سبق أحدهم فقد تصرّف فيما هو له وليس ضامنا للآخرين ، وإذا صار بينهم تشاحّ فالمرجع هي القرعة.
وعلى كلّ الدليل على اعتباره هو الإجماع ، فإن ثبت فهو ، والاّ فالدليل العقلي الذي تمسّكوا به فغير تامّ ، وهو عدم إمكان تمليك المبهم المردّد ، لما عرفت أنّ الملكيّة أمر اعتباريّ ، وليس من العوارض الخارجيّة التي تستدعي في الخارج موضوعا معيّن غير مبهم ، فهي قابلة لأن تتعلّق بأحد الشخصين أو إحدى الطائفتين.
وليس أمر هذا الأمر الاعتباري أعظم من العلم الإجمالي الذي هو صفة خارجيّة وموجود واقعي محمول بالضميمة ، ومع ذلك يتعلّق بالمردّد ، وكما أنّه بناء على صحّة تزويج إحدى بناته ، أو طلاق إحدى زوجاته ، أو عتق أحد عبيده يستخرج ذلك الأمر المبهم المردّد بالقرعة ، فكذلك يتعيّن الموقوف عليه بالقرعة.
وأمّا الشرط الثالث : وهو أن يكون الموقوف عليه ممّن يصحّ تمليكه ، فلو لم يكن قابلا للتملك فلا يصحّ تمليكه ، لأنّ صحّة التمليك متوقّف على قابليّة الطرف للتملّك ، وإلاّ فالتمليك بدونها غير ممكن ، فالكافر الحربي حيث أنّ الشارع لم يمض كونه مالكا فالوقف عليه باطل ، بناء على أنّ الوقف تمليك وإن كان من جهات أخر لا يجوز الوقف عليه.
وعلى كلّ حال ، فالبحث ها هنا عن أنّ الوقف هل هو مشروط بكون الموقوف عليه قابلا لتمليكه العين الموقوفة أم لا؟ بعد الفراغ عن أنّه قابل أو ليس بقابل.
وأمّا البحث عن أنّ العبد أو المرتدّ الفطري قابل أو ليس بقابل ، فهو خارج عن محلّ كلامنا.
إذا عرفت هذا ، فنقول : لو كان حقيقة الوقف هو التمليك ، أو كان التمليك من لوازم طبيعة الوقف شرعا ، فاعتبار هذا الشرط في محلّه ، إذ التمليك بدون التملّك لا يعقل. وأمّا إذا لم يكن التمليك من لوازم الوقف ـ بل كان التمليك في بعض أقسام الوقف من