أحكام ذلك القسم شرعا ـ فلا وجه لاعتبار هذا الشرط ، إلاّ ادّعاء الإجماع ، فإن ثبت فهو وإلاّ فلا. وسنتكلم في هذه المسألة وأنّ الوقف حقيقته التمليك ، أو ملازم معه ، أو ليس شيء منها فيما سيأتي إن شاء الله تعالى.
وأمّا الشرط الرابع : وهو أن لا يكون الوقف عليه محرّما ، وذلك كالوقف على الملاهي ، وأن يصرف في المعاصي ، وطبع كتب الضلال واستنساخها ، وأن يعطى لمن يرد على المذهب ويوقع الشبهات في قلوب المؤمنين ، وكالوقف على مبلّغي الأديان الباطلة ومروّجي العقائد الفاسدة.
واعتبار هذا الشرط بناء على اشتراط قصد القربة في تحقّق الوقف واضح ، إذ لا يمكن قصد القربة بما هو محرّم ومبغوض ، وبناء على عدم الاشتراط أيضا لا يصحّ الوقف على من يكون الوقف عليه محرّما ، لأنّ مثل هذا الوقف مبغوض عند الشارع ، وما هو مبغوض عنده لا يمضيه قطعا ، والمعاملات صحّتها تحتاج إلى الإمضاء ، وإلاّ فمقتضى الأصل في جميع المعاملات هو الفساد.
ولذلك قلنا في دلالة النهي في المعاملات على الفساد أنّه ذلك فيما إذا كان متعلّقا بالمعنى الاسم المصدري ، لأنّه حينئذ تكون المعاملة بالمعنى الاسم المصدري أي أثر العقد مبغوضا ، فلا يقع الإمضاء عليه ، فيكون باطلا.
إذا ظهر لك ما ذكرنا ، تعرف أنّ أغلب الفروع التي ذكرها الفقهاء في هذا المقام يرجع البحث فيها إلى صغريات هذا الشرط :
منها : عدم جواز الوقف على الكفّار ، أو جوازه مطلقا ، أو التفصيل بين الحربي والذمّي ، بعدم الجواز في الأوّل ، والجواز في الثاني.
ومنها : جوازه على الكنائس والبيع وعدم جوازه.
ومنها : جواز الوقف على استنساخ وطبع الكتب السماويّة المحرّفة ، أي التوراة والأناجيل ، فلا وجه لتطويل الكلام فيها.