ثمَّ إنّ الموقوف عليه تارة يكون معيّنا لا إهمال ولا إجمال فيه ، سواء أكان شخصا كزيد مثلا ، أو كلّيا كعنوان طلبة مدرسة فلان ، فلا كلام فيه.
وأخرى : يشكّ في شمول ذلك العنوان الذي جعله موقوفا عليه في العقد لبعض الأشخاص أو الأصناف ، فإن ثبت انصراف ذلك العنوان إلى بعض مصاديقه ، أو إلى بعض الأصناف التي تحت ذلك العنوان فيؤخذ به ، وإن لم يثبت فيجب الأخذ بإطلاقه إن كان في مقام البيان من تلك الجهة ولم يقيّد ، وإلاّ يرجع إلى الأصول العمليّة.
ومعلوم أنّ مقتضى الأصل عدم ثبوت الوقف لذلك المشكوك ، كلّ ذلك فيما إذا كان مراد الواقف من ذلك مشكوكا.
وأمّا إن كان معلوما فيؤخذ به ، إلاّ أن يكون فيه الإشكال من جهة صحّة الإنشاء بذلك اللفظ ، وذلك من جهة أنّ المدار في العقود ليس على القصد فقط ، ولا على الإنشاء فقط ، بل لا بدّ وأن تكون المعاملة مقصودة له ومنشأه بالإنشاء الصحيح.
ولذلك وقع البحث في أنّه لو وقف على الفقراء ، فالمشهور ادّعوا انصرافه إلى فقراء نحلة الواقف ، لأنّ المسلم ـ مثلا ـ لا يقصد غالبا من الفقراء في وقفه ـ بل وفي سائر عطاياه ـ إذا كانت لوجه الله فقراء غير المسلمين ، وما ذهب إليه المشهور هو الصحيح. وقد ذكر بعضهم عناوين كثيرة وألفاظ متعدّدة وباحث عنها ، وكلّها يرجع إلى ما ذكرنا وأبحاث صغرويّة ، وقس الحال على هذا المنوال في سائر الموارد والمقامات ، فلا نطول المقام بذكر الأمثلة.
فرع
لو وقف على مصلحة معيّنة ، كما إذا وقف على طلاّب مدرسة دينيّة ، فانهدمت وصارت جزء للشارع العامّ ، بحيث لا أمل بحسب العادة في رجوعها مدرسة ، أو وقف على مسجد صار كذلك منهدما وصار جزء للشارع العامّ ، أو على قنطرة على نهر تغيّر مجرى ذلك النهر ، وصارت تلك القنطرة متروكة وبلا فائدة ، فهل يجب صرفه