الخضروات ، فصارت متّصلة بمكان مرغوب من بلد كبير مزدحمة بالسكّان ، يشترون كلّ متر من أرض تلك القرية بمقدار كثير من المال ، بحيث يمكن أن تكون منفعة ثمن هذا المتر الواحد لو يشترون به شيئا آخر مساويا لمنفعة تمام تلك القرية التي هي مئات ألوف من الأمتار ، فهذا شيء غير قابل للقياس عرفا.
فهل يجوز بيعها في هذه الصورة ، أم لا؟
حكى عن المفيد ـ رضوان الله عليه ـ جواز بيعه ، (١) ولكن أنكر بعض صحّة هذه الحكاية ، والذي رأيته في المقنعة عبارته هكذا : « أو يكون تغيير الشرط في الوقف إلى غيره أعود عليهم وأنفع لهم » (٢).
وأنت خبير بأنّ هذه العبارة لا تدلّ على جواز بيع الوقف إن كان البيع أعود لهم ، بل راجع إلى تغيير الشرط إذا كان ذلك التغيير أنفع لهم ، كما إذا شرط أن يكون زرعه شعيرا ، وكانت الحنطة أعود وأنفع لهم ، أو شرط أن يشغل فيه خباز ، وكانت الصيدلة أنفع لهم ، وهكذا.
وعلى كلّ حال مقتضى أدلّة المنع التي تقدّم ذكرها عدم جواز بيعها ، وليس مخرج عنها إلاّ ما يتوهّم من دلالة بعض الروايات على الجواز.
منها : رواية جعفر بن حنّان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام إلى أن يقول : قلت : فللورثة من قرابة الميّت أن يبيعوا الأرض إن احتاجوا ولم يكفهم ما يخرج من الغلّة؟ قال : « نعم إذا رضوا كلّهم وكان البيع خيرا لهم باعوا » (٣).
ومنها : خبر الحميري ، كتب إلى صاحب الزمان عجّل الله فرجه : روى عن
__________________
(١) الشيخ الأنصاري في « كتاب المكاسب » ص ١٧٠ ، حكى عن المفيد.
(٢) « المقنعة » ص ٦٥٢ ، باب الوقوف والصدقات.
(٣) « الكافي » ج ٧ ، ص ٣٥ ، باب : ما يجوز من الوقف والصدقة. ، ح ٢٩ ، « تهذيب الأحكام » ج ٩ ، ص ١٣٣ ، ح ٥٦٥ ، باب الوقوف والصدقات ، ح ١٢ ، « الاستبصار » ج ٤ ، ص ٩٩ ، ح ٣٨٢ ، باب : لا يجوز بيع الوقف ، ح ٦ ، « وسائل الشيعة » ج ١٣ ، ص ٣٠٦ ، في أحكام الوقوف والصدقات ، باب ٦ ، ح ٨.