وعلى كل حال ففيه أمور :
[ الأمر ] الأوّل : لا شكّ في جواز جعل الواقف نفسه استقلالا أو مع شركة الغير ، وكذلك غيره ناظرا ومتولّيا على الوقف في ضمن العقد الذي يقف مالا ، وذلك للإجماع ، ولم ينقل خلاف إلاّ من ابن إدريس قدسسره وعبارته ليس صريحة في الخلاف ، كما ذكره صاحب الجواهر قدسسره ونقل عين عبارته (١) وأنا شاهدتها في كتابه السرائر (٢) ، وعلى كلّ حال مقتضى قوله عليهالسلام « الوقف على حسب ما يوقفها أهلها » وسائر المطلقات صحّة هذا الجعل بجميع شقوقه التي ذكرناها.
نعم إذا جعل التولية لنفسه ، وجعل حقّ التولية من منافع العين الموقوفة أكثر من أجرة مثل عمله ، ربما يتوهّم أنّه يكون من قبيل الوقف على النفس الذي قلنا إنّه باطل إجماعا ، مضافا إلى عدم كونه تسبيلا للمنفعة الذي يعرف الوقف به ، وقد تقدّم تفصيل ذلك فلا نعيد ، ويجوز أن يجعل في ضمن عقد الوقف أمر جعل التولية بيده ، بأن يعيّن المتولّي والناظر متى شاء ، وكذلك له أن يجعل أمر عزل المتولّي بيده ، بأن يعزله متى شاء وأن ينصب غيره متى شاء ، ويجوز أن يجعل أمر جعل التولية بيد غيره ، بأن يجعل من يريد متوليّا متى شاء ، ويعزل هذا وينصب غيره متى شاء. ودليل جميع هذه الشقوق هو قوله عليهالسلام : « الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها » ويجوز أيضا أن يجعل لكلّ متولّ أن ينصب متوليّا بعده.
الأمر الثاني : لو لم يعيّن المتولّي في ضمن نفس العقد ، ومعلوم أنّه لا بدّ في الوقف من متولّ يلي أمره ويدبّر شؤونه ، فهل له أن يعيّن متوليّا على الوقف ، أو للموقوف
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٢٨ ، ص ٢٢.
(٢) « السرائر » ج ٣ ، ص ١٥٦ ، شروط صحة الوقف.