وأمّا من يعيّنه الحاكم فلا بدّ وأن يكون ثقة وأمينا ، لأنّه لا بدّ في جعله من مراعاة مصلحة الوقف ، فليس له أن يأتمن الخائن.
وأمّا الفاسق الذي يرتكب الذنب ـ وإن كان صغيرة ، فإن كان أمينا موثوقا في أعماله ، بحيث يطمئنّ بعدم إهماله شؤون الوقف وتدبير أمره ، ويعمل على طبق الوقف ولا يتعدّى عن مضمون الوقف ، فالقول بعدم جواز تعيينه متوليّا وناظرا مشكل ، لعدم دليل على اعتبار عدالة الناظر ، إلاّ كونها موجبة للاطمئنان بحفظ شؤون الوقف ، فإذا حصل من دونها فلا وجه لاعتبارها.
وأمّا ادّعاء الإجماع ـ من الكفاية (١) والرياض (٢) والحدائق (٣) فغير مسموع ، مع ذهاب جمع كثير إلى عدم الاعتبار.
الأمر الرابع : في أنّ الواقف لو جعل شخصا ناظرا على المتولّي في ضمن عقد الوقف ، فلا ريب في جواز ذلك له ، لأنّ هذا ليس مخالفا للكتاب ، فبمقتضى « الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها » يكون جعله نافذا.
وحيث أنّ الناظر ـ على ما تقدّم ذكره ـ قسمان : اطّلاعيّ واستصوابيّ. والأوّل عبارة عن أنّ كلّ فعل يصدر من المتولّي يلزم أن يكون باطّلاعه. والثاني عبارة عن أن يكون بتصويبه ، لا صرف اطّلاعه عمّا فعل ، ففي القسم الأوّل للمتولّي أن يفعل بدون لزوم أخذ الإذن منه ، بل صرف اطّلاعه كاف. وأمّا في القسم الثاني فيحتاج نفوذ تصرّفاته إلى أخذ الإذن منه وتصويبه لذلك الفعل.
هذا في مقام الثبوت ، وأمّا في مقام الإثبات فلا بدّ من مراجعة كلامه ، وأنّه ظاهر في أيّ واحد من القسمين فيؤخذ به ، وإن يستظهر منه شيء من القسمين ، فلا بدّ
__________________
(١) « كفاية الأحكام » ص ١٤١.
(٢) « رياض المسائل » ج ٢ ، ص ٢٣.
(٣) « الحدائق الناضرة » ج ٢٢ ، ص ١٨٤.