للمتولّي في مقام العمل من الجمع بين الأمرين ، أي أخذ الإذن منه واطّلاعه على العمل أيضا ، وذلك من جهة أصالة عدم جواز عمله ونفوذ تصرّفاته إلاّ بالأمرين.
الأمر الخامس : لو جعل التولية لأكثر من واحد ، فتارة على وجه الشركة ، وأخرى على وجه الاستقلال.
فإن كان من القسم الأوّل فلا يجوز تصرّف كلّ واحد منهما على الانفراد بدون مداخلة الآخر ، لأنّ معنى الشركة أنّ كلاهما بمنزلة شخص واحد ، كما أنّ الشركة في المال أيضا ذلك ، ولذلك هناك أيضا ليس كلّ واحد منهما مستقلاّ في التصرّف ، فيجب اجتماعهما على تصرّف كي ينفذ ، وإن امتنعا أجبرهما الحاكم مع الإمكان ، وإن لم يمكن فالمرجع هو الحاكم.
وأمّا إن كان من القسم الثاني ، فإذا اجتمعا فلا إشكال ، وأيّ واحد منهما تصرّف بدون رضا الآخر نافذ. ولو تصرّف كلاهما ، مثلا آجر أحدهما من زيد ، والآخر من عمرو ، قدّم المقدّم ، ولو كانا في زمان واحد بطلا. والسرّ واضح.
الأمر السادس : في أنّ الواقف إذا عيّن وظيفة المتولّي في ضمن عقد الوقف ، فيعمل بما عيّن له من الوظيفة ، وإذا لم يعيّن وظيفة وجعله متوليّا من دون بيان عمل له ، فالظاهر من هذه العبارة والمتفاهم العرفي منه أنّه عليه تدبير شؤون الوقف ، من حفظه عن الخراب ، وإجارته ، وتحصيل مال الإجارة نقدا وجنسا ، وتقسيمه على الموقوف عليهم ، وإيصال حصّة كلّ واحد منهم إليهم ، وغير ذلك ممّا هو وظيفة المتولّي عند العرف.
وذلك من جهة أنّه بعد البناء على لزوم العمل بما أراده الواقف من لفظ المتولّي حال الجعل ، فطريق تشخيص مراده هو ظهور كلامه ، ففي أيّ معنى كان ظاهرا فيه فيحكم بأنّه مراده. وهذا معنى أصالة الظهور وحجّية الظواهر ، ومعنى الظهور هو ما يفهم العرف من الكلام عند إلقائه إليه ، ففيما نحن فيه إذا قال الواقف : وقف المال الفلاني