النسب جهتين :
إحديهما : المصاهرة ، ولأجل ذلك عدّها الفقهاء قدسسرهم في المحرّمات بالمصاهرة ، إذ لو لم يكن بين هذا الرجل وهذه المرأة مصاهرة لما كان يحرم عليه أمّها.
ثانيهما : النسب ، أي نسبة الأمومة التي بين الزوجة وأمّها. فهذه النسبة أيضا دخيلة في حرمة أمّ الزوجة على الزوج ، إذ لو لم تكن بين الزوجة وتلك التي نسمّيها أمّها نسبة ، بل كانت أجنبيّة عنها لما كانت تحرم على الزوج. فثبت أنّ هناك جهتان يمكن إسناد الحرمة إلى مجموع الجهتين ، ويمكن إسنادها إلى كلّ واحدة منهما.
وأمّا عدّها الفقهاء في المحرّمات بالمصاهرة ، فلأجل مقابلتها مع ما هو علّة الحرمة متمحّض في النسب ، كالعناوين السبعة المعروفة ، لا أنّ علّة الحرمة فيها منحصرة في المصاهرة كما توهّم.
وهكذا الحال في أمّ المزني بها وبنتها وأمّ الموقب وأخته وبنته ، ففي كلّ من هذه أيضا جهتان : ففي الأوّل جهة الزنا وجهة النسب ، وفي الثاني جهة الإيقاب وجهة النسب ، ويصحّ إسناد الحرمة إلى كلّ واحدة من الجهتين ، كما يصحّ إسنادها إلى مجموعهما.
فالحديث الشريف يشمل جميع هذه الموارد ، لصدق أنّ الحرمة في هذه الموارد من جهة النسب ، وإن كان يصدق أيضا أنّها من جهة المصاهرة أو الزنا أو الإيقاب.
ولا دليل على أنّ شمول الحديث لا بدّ وأن يكون في مورد تكون النسب علّة تامّة منحصرة للتحريم ، بل ظاهره أنّ في كل مورد تكون العلاقة الحاصلة من النسبة دخيلة في الحرمة ، تكون تلك العلاقة إذا كانت حاصلة من الرضاع تقوم مقام العلاقة الحاصلة من النسب.
فلو كان موضوع الحرمة مركّبا من أمرين : أحدهما الإضافة الحاصلة من النسب ، وبوجودها وحدها لا يترتّب الحكم ، بل لا بدّ من وجود الجزء الآخر وهو