صحّ هذا ـ أيضا يوجب أن يلحق الولد بصاحب الماء ، وإن قلنا بأنّ هذا الفعل حرام ، وكذلك لو انجذب الماء إلى الفرج في الحمّام ودخل في الرحم ، وتكون الولد يلحق بصاحب الماء لو كان معلوما.
وحاصل الكلام : أنّ كون الولد لصاحب الماء أمر تكويني ، لأنّه هو نفس الماء ، غاية الأمر نما إلى أن جعله الله ولدا سويّا ، فهو في سياق الزرع ، كما أنّ البذر إذا وقع في الأرض ينمو إلى أن يصير سنبلا بإرادة الله وجعله ، كذلك النطفة بعد ما وصل إلى الرحم القابل ينمو إلى أن يجعله الله ولدا وينشأه خلقا آخر ، ( فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ). نعم في خصوص الزنا ألغى الشارع هذا الانتساب التكويني من حيث بعض الآثار لبعض المصالح ، ولعلّ عمدتها حفظ الجامعة عن الفجور.
وممّا ذكرنا ظهر الإشكال في كفاية الدخول في الدبر إلاّ مع الإمناء واحتمال السبق وعدم الشعور به ، ولذلك حكى عن ابن إدريس في السرائر (١) وعن العلاّمة في التحرير (٢) ـ قدّس الله اسرارهما ـ عدم العبرة بالوطي دبرا ، وعدم اعتبارهما بالوطي في الدبر. إمّا في صورة عدم احتمال السبق ، أو لكون الاحتمال ضعيفا بدرجة يكون عند العقلاء بحكم العدم.
الثاني : مضىّ ستّة أشهر هلاليّة من زمان الوطي ، فلو كان أقلّ من ذلك وولدت تامّ الخلقة حيّا لا يلحق بصاحب الفراش ، وذلك من جهة أنّها أقلّ الحمل كتابا وسنّة ، مستفيضة بل متواترة ، ولا خلاف في ذلك بين الأصحاب ، بل نسب الاتّفاق إلى علماء الإسلام ، وقد نسب في الجواهر (٣) إلى المفيد (٤) والشيخ (٥) ـ قدس سرّهما ـ التخيير
__________________
(١) « جواهر الكلام » ج ٣١ ، ص ٢٢٣.
(٢) « جواهر الكلام » ج ٣١ ، ص ٢٢٣.
(٣) « جواهر الكلام » ج ٣١ ، ص ٢٣٠.
(٤) « المقنعة » ص ٥٣٨.
(٥) « النهاية » ص ٥٠٥.