المرأة بعد ما تفطمه لا يحرم ذلك الرضاع التناكح (١).
وحيث أنّه في مقام تفسير هذا الكلام فلا مجال لتوهّم أنّه بين إحدى الصورتين ، ولا ينافي ذلك وجود صورة أخرى ومصداق آخر ، وهو فيما إذا شرب الولد لبن المرأة بعد فطام ولد نفسها ، لا بعد فطام المرتضع.
وأمّا الأصل ، فلا أصل له أصلا ، لما ذكرنا من شمول الإطلاقات لصورة حصول الرضاع مع انقضاء الحولين ومضيّهما من عمر ولد المرضعة.
فتلخّص من مجموع ما ذكرنا أنّ الأقوى هو القول الأوّل.
ثمَّ إنّ المراد من الحولين هو أربعة وعشرين أشهر هلاليّة ، كما هو الحال في باب البلوغ وحلول الحول في الزكاة وأمثالهما من نظائر المقام. فإن كانت الولادة في أوّل الشهر فينتهي في آخر الشهر الرابع والعشرين ، وإن كانت في الأثناء فيكمّل مقدار النقص من الشهر الخامس والعشرين.
واحتمال العدد حينئذ في جميع الشهور ـ بأن يحسب من يوم الولادة إلى ثلاثين يوما شهرا وهكذا ـ بعيد إلى الغاية ، بل ممّا يقطع بخلافه ويزيد على سنتين قطعا ، لأنّ أشهر السنة الهلاليّة ليست كلّها ثلاثين يوما يقينا ، كما أنّ احتمال أن يكون مبدأ الحولين من أوّل الرضاع لا من أوّل الولادة معلوم العدم ، وذلك لأنّه عليهالسلام فسّر الفطام بالحولين الذين قال الله عزّ وجلّ ، (٢) ومعلوم أنّهما في الآية الشريفة من حين الولادة ، لقوله تعالى ( وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً ) (٣).
الشرط السابع : أن يكون اللبن خالصا غير ممزوج بشيء جامد أو مائع ، وأن لا يصير جبنا ، كلّ ذلك لأجل عدم صدق اللبن أو انصرافه عنه ، مع ما تقدّم أنّ حقيقة
__________________
(١) « الكافي » ج ٥ ، ص ٤٤٤ ، باب : لا رضاع بعد فطام ، ح ٥.
(٢) تقدم راجع ص ٣٧١ ، هامش رقم (١).
(٣) الأحقاف (٤٦) : ١٥.