الأسواق لا يمنع هذا الضرر عن وجوب الوفاء بالنذر ، لما قلنا إنّ هذا القسم من الضرر مقتضى طبع وجوب الوفاء.
وأمّا لو كان غلاء قيمة اللحم من جهة احتكار شخص أو أشخاص ، لا من جهة ترقّي القيمة السوقيّة ، فيمكن المورد مشمولا لقاعدة لا ضرر ، لأنّ هذا الضرر له جهة خارجيّة ، وليس من مقتضيات طبيعة الحكم ، كما هو واضح.
وممّا ذكرنا ظهر حال جريان القاعدة في محلّ كلامنا وعدم جريانها ، وأنّه إن كانت زيادة قيمة المثل بأكثر من ثمن أمثاله من جهة احتكار من عنده المثل أو ما يشبه الاحتكار ، فالقاعدة تجري ، وأمّا إن كان طلب الزيادة من جهة قلّة وجوده ، فالقاعدة لا تجري ، لأنّ الشيء القليل الوجود إذا كان مطلوبا للعموم فقهرا تترقّى قيمته ويغلو سعره ، وإذا غلى سعره ـ وإن كان بواسطة قلّة وجوده في الأسواق ـ يكون الضرر من مقتضيات طبع الحكم ، فلا يكون مشمولا للقاعدة.
وكذلك الأمر في مسألة شراء الماء للوضوء ، فإن كان من عنده الماء يطلب قيمة زائدة لأجل كونه في قافلة في فصل الصيف ، والماء هناك قليل وطلاّبه كثيرون ، فلا تجري القاعدة ، ويجب الشراء وإن كان غالبا ، لاقتضاء الزمان والمكان ذلك ، وهذا الضرر من مقتضيات طبع الحكم.
وأمّا إن كانت الزيادة لأجل حصر الماء عن الآخرين ، فتجري القاعدة.
وهذا ضابط كلّي في جميع الموارد.
[ الأمر ] الثاني : لو تعذّر المثل في المثلي ، فلا شكّ في أنّ الأداء وتفريغ الذمّة ينتقل إلى الدرجة الثالثة وهي القيمة. إنّما الكلام في أنّ وجوب دفع القيمة مع مطالبة المالك ، أو يكون مطلقا؟
ولتوضيح المقام وتنقيحه نقدّم أمورا :
الأوّل : في أنّه ما المراد من تعذّر المثل؟ وهل المراد عدم وجوده وعدم إمكان