نعم في المسالك « هل يكون نية رفع ملكه عنه أو تصريحه بإباحته موجبا لإباحة غيره له (١)؟ وجهان : أحدهما العدم ، لبقاء الملك المانع من تصرف الغير فيه ، وأصحهما إباحته لغيره ، لوجود المقتضي له ، وهو إذن المالك فيه ، وهو كاف في إباحة ما يأذن في التصرف فيه من أمواله ، فلا ضمان على من أكله ، لكن يجوز للمالك الرجوع فيه ما دامت عينه موجودة ، كنثار العرس ، وكما لو وقع منه شيء حقير ككسرة خبز فأهمله ، فإنه يكون مبيحا له ، لأن القرائن الظاهرة كافية في الإباحة ، ويوضحه ما يؤثر عن بعض الصالحين من التقاط السنابل لذلك ».
قلت ـ بعد الإغماض عما في قوله : « أو تصريحه بإباحته » إلى آخره خروج (٢) ذلك عن البحث ، بل ينبغي القطع بالإباحة ، إذ الناس مسلطون على أموالهم (٣) ـ : الظاهر عدم التلازم بين الاعراض والإباحة التي هي إنشاء خاص ، وقد لا يخطر بباله الاذن في ذلك ، نعم ربما يحصل ذلك من شاهد الحال في نثار العرس ونحوه مما هو غير مسألة الأعراض التي هي عبارة عن رفع اليد عما هو ملك له من غير إنشاء الإباحة فيه لغيره ، والبحث في أن ذلك نفسه مقتض للخروج عن ملك المالك ، وصيرورة الشيء كالمباح الأصلي يملكه الآخذ بأخذه ، ولا سبيل للأول عليه ، كما عن الشيخ في المبسوط ، وهو الذي أشار إليه المصنف بقوله ( وقيل : يخرج ، كما لو وقع منه شيء حقير فأهمله ، فإنه يكون كالمبيح له ) في جواز الأخذ ، وإلا فقد عرفت الفرق بين الاعراض
_________________
(١) هكذا في النسخة الأصلية ، وفي المسالك « لإباحة أخذ غيره له » وهو الصحيح.
(٢) هكذا في النسختين المخطوطتين : المبيضة والمسودة ، وهو سهو من قلمه الشريف ، والصحيح « لخروج » أو « من خروج ».
(٣) إشارة إلى الحديث النبوي المروي في البحار ـ ج ٢ ص ٢٧٢ ـ الطبع الحديث.