مثلا ، مضافا إلى نصف القيمة التي هي التسعة وقت جناية الثاني ، وهو أربعة ونصف ، فيجتمع عليه خمسة ونصف ، ولا يعتبر الأرش في حق الثاني ، وذلك لأن جناية الأول وحدها نقصت الدرهم ثم جناية الثاني وسراية جناية الأول تعاونتا على تفويت الباقي.
أو يقال : لا شركة للثاني في أصل جناية الأول بخلافه ، فإنه شريك مع الثاني في جنايته وفي سرايته ، أما الثاني فواضح ، لأنه الفرض ، وأما الأول فلأن صيرورة القيمة ثمانية باعتبار كونها ذات جرحين ، لا خصوص جرح الثاني مع قطع النظر عن كونه ثانيا صيرها كذلك ، فمن هنا كان على الأول زيادة على الثاني ، سواء قلنا بدخول الأرش وعدمه.
أما على الأول فلأن الأول يضمن سراية جرحه على قيمة مبدئها ، وليس هو نصفا ، لأنه لا شريك له في مبدئها ، بل هو ما عدا مقدار الشركة ، وهو نصف التسعة التي هي القيمة في مبدأ جناية الثاني الذي قد عرفت شركة الأول معه في سبب نقص القيمة إلى ثمانية.
وأما على تقدير عدم دخول الأرش فلما عرفت من أن الأرش على الثاني ـ وهو الدرهم ـ يشاركه الأول ، لأن نقصان القيمة إلى الثمانية باعتبار كون الجرح ثانيا ، ولا يكون كذلك إلا بملاحظة الأول ، ولا يجدي إلزام الأول بالأرش بعد فرض عدم اندمال الجرح الذي هو أيضا له مدخلية في نقصانها إلى الثمانية ، ومن هذه الجهة كان عليهما نصف الثمانية ونصف أرش جناية الثاني.
ولعل ما في المسالك إشارة إلى بعض ما ذكرناه ، خصوصا جوابه أخيرا عما أورد على هذا الوجه بأنه إنما شارك في جنايته على ما قيمته عشرة ، فكيف يلزم بزيادة عن خمسة؟ قال : « فإن التسوية بينهما إنما تتجه إذا اشتركا في مبدأ الجناية ، أما إذا انفرد الأول بزيادة لم يقدح