وكيف كان فقد ذكر غير واحد أن النصوص (١) والفتاوى المعتبرة خالية عن تعيين المدة التي يحصل فيها الجلل ، وغاية ما يستفاد من المرسل الأول (٢) اعتبار كون العذرة غذاؤه ، ومن الثاني (٣) عدم البأس بأكله مع الخلط ، وكل منهما بالإضافة إليها مجملة ، واحتمال استفادتها من مدة الاستبراء ـ باعتبار دعوى اقتضاء ارتفاعه بها بحبسه عنها تحققه (٤) بتغذيه فيها ـ لم نجد له أثرا في كلام الأصحاب ، ولعله لوضوح منع الاقتضاء المزبور.
وعن بعضهم تقديرها بأن ينمو ذلك في بدنه ويصير جزءا منه ، وآخر بيوم وليلة ، واستقربه الكركي ، قال : « ويرجع في كونه جلالا إلى العرف ، وقدره بعض المحققين بيوم وليلة ، وهو قريب كما في الرضاع المحرم ، لأنه اقصر زمان الاستبراء » وثالث بأن يظهر النتن في لحمه وجلده ، يعني رائحة النجاسة التي اغتذت بها.
والجميع كما ترى ـ وإن مال في المسالك إلى الأخير ـ لا دليل عليه سوى اعتبارات لا تصلح دليلا ، ومن هنا جعل بعضهم المدار على ما يسمى جلالا عرفا ، وفي الرياض « هذا أقوى ، لأنه المحكم فيما لم يرد به من الشرع تعيين أصلا » وفيه ما عرفته سابقا من أنه لا عرف منقح الآن يرجع إليه ، لعدم استعماله فيه ، ولعله لذا قال في الكفاية بعد أن جعل الظاهر الرجوع إليه : « وفي معرفته إشكال » بل لعل مبنى الأقوال المزبورة ذلك أيضا ، ولذا رجع بعضهم فيه إلى الرضاع المحرم في الجملة.
نعم قد يقال : إن المتجه الرجوع إلى العرف في صدق ما سمعته في تفسيره بالمرسل السابق (٥) وهو يصدق بكون ذلك غذاؤها ، بل لعله
_________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٢.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٢٧ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٣.
(٤) وفي النسخة الأصلية « وتحققه » والصحيح ما أثبتناه.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٢.