هذا ( و ) قد استقر المذهب الآن بل وقبل الآن على أن ( الكفار أنجاس ) كالكلاب والخنازير ( ينجس المائع بمباشرتهم له سواء كانوا أهل الحرب أو أهل ذمة ) وإن كان قول المصنف هنا ( على أشهر الروايتين ) (١) مشعرا بنوع تردد فيه ، بل منه تحير بعض المتأخرين عنه ، فوسوس في الحكم أو مال إلى الطهارة مطلقا أو أهل الكتاب خاصة.
لكن قد تقدم في كتاب الطهارة (٢) ما يرفع الوسوسة المذكورة الناشئة من اختلال الطريقة ، خصوصا بعد شهرة الطهارة بين العامة الذين جعل الله الرشد في خلافهم ، وصدر بعض الأخبار (٣) تقية منهم.
( وكذا لا يجوز استعمال أوانيهم التي استعملوها في المائعات ) إلا بعد غسلها ، لنجاستها حينئذ باستعمالهم ( وروي ) أنه ( إذا أراد مؤاكلة المجوسي أمره بغسل يده ) وهو وإن كانت صحيحة قال العيص (٤) : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن مؤاكلة اليهود والنصارى ، فقال : لا بأس إذا كان من طعامك ، وسألته عن مؤاكلة المجوسي ، فقال : إذا توضأ فلا بأس ». وفي صحيحة القاسم (٥) « أنه سأله عن مؤاكلة اليهودي والنصراني والمجوسي ، فقال : إن كان من طعامك وتوضأ فلا بأس » ـ ( و ) لكنها ( هي ) رواية ( شاذة ) لم نجد عاملا بها إلا ما يحكى عن الشيخ في النهاية التي هي متون أخبار لا كتاب فتوى.
مع أن المحكي عنه فيها أنه صرح قبل ذلك بأسطر قليلة بأنه « لا يجوز مؤاكلة الكفار على اختلاف مللهم ، ولا استعمال أوانيهم إلا بعد غسلها
_________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٥٢ و ٥٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة.
(٢) راجع ج ٦ ص ٤١ ـ ٤٦.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٢.
(٤) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ٤.
(٥) الوسائل ـ الباب ـ ٥٣ ـ من أبواب الأطعمة المحرمة ـ الحديث ١ عن عيص بن القاسم.