بل هو ظاهر غيره أيضا. بل في مجمع البرهان « أن الاكتفاء بذلك أمر ظاهر ».
قلت : لعل وجهه أن الآية مسوقة لبيان الاكتفاء في حل التناول بالقرائن المزبورة التي مقتضى العادة فيها ذلك ، فهي حينئذ أمارة أذن الشارع بالأخذ بها ، إلا أن الظاهر انسياقها إلى ما هو المتعارف من كون ذلك دالا على الاذن ولو ظنا ، لا مع العلم أو الظن بالعدم ولو لأمارة ترجح على الأمارة المزبورة في الدلالة على العدم.
بل قد يتوقف في صورة الشك الناشئ من تعارض الأمارتين ، لأصالة حرمة التناول ، والأدلة إنما هي منساقة لغيرها كما عرفت ، ولا ينافي ذلك استفادة إذن شرعي من الآية على وجه استثني من القاعدة ، ضرورة أنه لولاها لم يكن له الأخذ بما تدل عليه القرائن المزبورة.
هذا ولكن في الرياض « لا ريب في أن الاكتفاء بالمظنة أحوط وإن كان في تعينه نظر بعد إطلاق الكتاب والسنة المستفيضة بجواز الأكل من غير إذن الشامل لصورة الظن بعدمه ، بل لصورة العلم بعدمه أيضا ، إلا أنها خارجة بالإجماع ظاهرا ، وليس على إخراج الصورة الأولى منعقدا ، لتعبير كثير كالحلي عن الشرط بشرط أن لا ينهاه المالك ».
وفيه ما عرفت من انسياق الإطلاق إلى غير الفرض ، خصوصا صورة غلبة الظن التي يطلق عليها العلم كثيرا ، فتأمل جيدا.
ثم إن مقتضى الإطلاق كتابا وسنة وفتوى عدم الفرق في المأكول بين ما يخشى فساده وعدمه ، خلافا لما عن المقنع من التقييد بذلك ، كالبقول والفواكه ، كما في كشف اللثام ، ولشاذ غير معروف على ما في الرياض ، فقيده بالأول ، ولم نعرف له شاهدا ، بل ما سمعته شاهد على خلافه ، خصوصا نصوص التمر (١) التي من المعلوم
_________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢٤ ـ من أبواب آداب المائدة ـ الحديث ٢ و ٦.