وقد ظهر لك من ذلك كله من تحل ذبيحته ومن لا تحل ذبيحته ، ومنه الصبي غير المميز والمجنون حين الذبح وإن اجتمعت صورة الشرائط فيهما ، لعدم العبرة بفعلهما شرعا.
لكن في المسالك : « ربما اختلف صنف الجنون ، إذ ربما كان لبعضهم تميز ، فلا مانع من حل ذبيحته » وفيه أن الشارع ألغى فعله وقوله بعد صدق اسم المجنون كالصبي غير المميز ، وإنما خرج المميز بالدليل ، ومن هنا لم أجد أحدا غيره استثنى منه فردا ، وقياسه على حيازة المباح ونحوه لا وجه له ، فهو حينئذ كالنائم وإن اتفق حصول القصد والتسمية من بعض النائمين ، إلا أن الشارع لم يعتبر هذا القصد وكذا السكران والمغمى عليه.
وأما المكره ففي المسالك « إذا أكره على الذبح فذبح فان بلغ الإكراه حدا يرفع القصد فلا إشكال في عدم حل ذبحه ، وإلا فوجهان مثل ما لو أكرهه على رمي السهم ، وينبغي أن يكون الملك للمكره إذا لم يبق للمكره قصد » وفيه أنه مناف لأصالة عدم الملك وظهور اعتبار القصد في الصيد كالذبح ، ودعوى صيرورته كالآلة له واضحة المنع ، نعم لو حازه بعد أن رماه المكره المزبور ملكه ، أي المكره بالكسر بحيازته له إذا أدركه حيا ، وإلا فمع فرض قتله له بالرمي يكون ميتة كالذبح.
بقي شيء : وهو أن الفاضل قد جعل ممن لا يجوز ذبحه من لا يعتقد بوجوب التسمية وإن سمى ، ولعله لدعوى ظهور ما دل (١) عليها من الآية وغيرها في فعلها بعنوان اعتقاد تأثيرها في حل الذبيحة ، خصوصا بعد ذكر الائتمان الذي لا مورد له مع اعتقاد عدم الوجوب وإن كان فيه
_________________
(١) سورة الأنعام : ٦ ـ الآية ١٢١ والوسائل ـ الباب ـ ١٥ ـ من أبواب الذبائح.