فإذا ارتفع أحدهما لا بدّ وأن يكون الآخر موجودا.
وفيما نحن فيه بعد ما كان التعذّر من أحدهما أو كليهما دائميّا ، فالوفاء بهذه المعاملة لا يمكن ، فلا يشملها ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) لأنّه تكليف بالمحال وقبيح ، فترتفع الصحّة ، لأنّ الأثر الظاهر للصحّة هو وجوب الوفاء بالعقد وترتيب آثار الصحّة ، فعدم إمكانه دليل على عدم الصحّة ، فإذا لم يكن صحيحا لا بدّ وأن يكون فاسدا وباطلا ، وإلاّ يلزم ارتفاع النقيضين.
إن قلت : يمكن القول بالصحّة ، ويكون أثرها ضمان التالف ثمنا كان أو مثمنا أو أيّ متعلّق في أيّ عقد من هذه العقود المتداولة بين العقلاء ، وليس بقاء نفس العوضين أو أحدهما من أركان المعاملة ، بل يمكن الالتزام ببقاء اللزوم وأخذ المثل أو القيمة من صاحب المال التالف.
قلنا : أوّلا : إنّ بعض العقود ليس المتعذّر ممّا يدخل فيه الضمان ، مثلا لو تعاقدا على المسابقة على فرس خاصّ فمات الفرس قبل الشروع في المسابقة ، أو تعاقدا على المراماة بقوس خاصّ فانكسر قبل الشروع في المراماة ، فلا وجه للضمان في مثل هذه الموارد ، بل تبقى المسابقة في الفرض الأوّل ، والمراماة في الفرض الثاني بلا موضوع ؛ لأنّ موضوع المسابقة في المثال الأوّل كان هو السبق مع الفرس المخصوص ، وموضوع المراماة في المثل الثاني هو الرمي بقوس خاصّ وانكسر ، فيبقى المراماة بلا موضوع ، ويكون حال تلف القوس حال شلل أحد المتراميين ، وحال تلف الفرس حال شلل أحد المتسابقين.
وحاصل الكلام : أنّ إمكان القول بضمان المثل في المثلي والقيمة في القيمي فيما إذا كان التالف مالا منتقلا إلى أحد المتعاقدين فوقع عليه التلف قبل قبض من انتقل إليه ، فيمكن أن يقال بضمان من وقع في يده التلف ، مع أنّهم لم يقولوا بذلك ، بل قالوا بأنّ تلف المبيع قبل أن يقبضه المشتري من مال البائع بانفساخ العقد آنا ما قبل التلف. وقد