هذا ما ذكره هؤلاء الأساطين مع اختلاف بين ما ذكروه ، وهو تخصيص الحلف بالثاني أي مدّعي الواحد إذا ادّعى مشاعا.
ولكن التحقيق أنّه لا فرق في صيرورة كلّ واحد منهما مدّعيا ومنكرا في المفروض ، أي فيما إذا كان لكليهما اليد على الدرهمين بين أن يكون دعوى المدّعي الواحد على الإشاعة أو على التعيين.
وتوضيح ذلك موقوف على بيان مقدّمة ، وهي أنّه لا شكّ في أنّ ذا اليد منكر لو ادّعى المال من ليس له يد على المال ، وليس له حجّة أخرى على أنّ المال له. وذلك الآخر الذي ليس له يد على المال يكون مدّعيا ، إن لم يكن له حجّة أخرى على أنّ المال المتنازع فيه له. فبناء على هذا يكون ذو اليد منكرا ومقابله يكون مدّعيا.
ثمَّ إنّ ذا اليد لو كان شخصا واحدا ، فالذي يدّعيه يكون مدّعيا ويكون ذو اليد منكرا. وأمّا لو كان ذو اليد متعدّدا كما إذا ادّعى أحد غير هؤلاء الذين لهم اليد على المال أيضا يكون مدّعيا ، وذوو الأيدي يكونون منكرين إن لم يصدّقوه.
وأمّا إن كان مدّعي لجميع ما في يدهم أحدهم ، فيكون مدّعيا بالنسبة إلى البعض ومنكرا بالنسبة إلى بعض آخر.
بيان ذلك : أن ذا اليد على مال واحد إن كان متعدّدا ، فلا يمكن أن تكون يد كلّ واحد منهم يدا تامّة مستقلّة ؛ وذلك لأنّ اليد التامّة المستقلّة كما أنّ لها التصرّفات المشروعة في المال ، كذلك له المنع عن تصرّف الغير. وفي الأيدي المتعدّدة ليس لها المنع عن تصرّفات سائر الأيادي ؛ ولذلك لا يحسبها العرف يدا مستقلّة ، بل يعتبرون اليد الناقصة المستقلّة على المجموع يدا مستقلة على البعض بنسبة عدد الأيادي.
مثلا لو كان شريكان ، لكلّ واحد منهما يد على مال ، فحيث أنّ يد كلّ واحد منهما غير تامّة ، فالعرف يعتبرونها تامّة بالنسبة إلى البعض بنسبة عدد الأيدي ، وحيث أنّ ذا اليد اثنين فيد كلّ واحد منهما الناقصة على جميع المال يعتبر يدا تامّة على نصف