نفس التالف الذي ليس من المكيل والموزون كالثوب كما هو المفروض ، وإنّما أداؤه بالدرهم أو الدينار ، فلا رباء ، أو وقع من مثل التالف الذي اشتغلت ذمّته به ، وإنما أداؤه بالقيمة ؛ ففي هذا الفرض أيضا لا رباء ؛ ففي هذين الوجهين لا إشكال في صحّة الصلح.
هذا في مقام الثبوت ، وأمّا في مقام الإثبات فالظاهر أنّ ما يأتي في الذمّة بواسطة التلف في اليد الغير المأذونة ، أو بواسطة الإتلاف مطلقا في القيميّات هي القيمة ، كما حقّقناه في قاعدة اليد ، (١) فصحّة هذا الصلح إذا كان التالف من القيميّات في غاية الإشكال.
اللهمّ إلاّ أن يقال : على فرض القول في ضمان القيميّات أنّه تشتغل الذمّة من حين التلف أو الإتلاف بالقيمة لا بنفسه بوجوده الاعتباريّ ولا بمثله ، ولكن القيمة التي تشتغل الذمّة بها ليست خصوص النقدين المعروفين ، أي الدرهم والدينار ، بل المراد منها ماليّة التالف ، سواء قدر بالنقدين المعروفين أي الدرهم والدينار ، أو قدر بالأجناس الأخر التي لا يكال ولا يوزن ، كما إذا كانت من المعدودات ، أو ممّا يباع بالذراع والامتار ، أو كانت ممّا يباع بالمشاهدة كأنواع الحيوانات كالغنم والإبل وغيرهما.
فلو صالحه ، أي صالح الذي أتلف عليه عن متاعه الذي من القيميّات على مبلغ أزيد أو أقلّ من تلك القيمة الكلّية القابلة للانطباق على النقدين وعلى غيرهما ممّا لا يكال ولا يوزن ، فلا يكون من الربا الباطل ؛ لأنّ ذلك الكلّي ليس من الأجناس الربويّة ، لأنّه قابل للانطباق على الأجناس الغير الربويّة.
وخلاصة الكلام : أنّه بناء على هذا الذي ذكرنا كما أنّه لو كان التالف مثليّا الصلح عنه على الأقلّ أو الأزيد منه لا يكون من الربا الباطل ، كذلك لو كان من القيميّات ، وإن قلنا باشتغال ذمّته بالقيمة من حين التلف ، وذلك لأنّ المراد من القيمة ليس
__________________
(١) راجع « القواعد الفقهية » ج ١ ، ص ١٣١.