ولا يبقى فيها شيء كي يرجع إليه الدائن بعد مماطلة المحال عليه واليأس عن الأخذ عنه.
وأمّا في المفروض فليس انتقال ذمّة في البين وإنّما هو مجرّد الأمر لوكيله بإعطاء مثل ما عليه من ماله المعيّن الخارجي ، فإذا لم يعط وإن كان بعد قبوله يرجع الدائن إلى المحيل المديون ، لبقاء اشتغال ذمّته وعدم تغيّرها عمّا كانت عليه.
والفرق بين أمره لوكيله بإعطاء العين الخارجي وبين إحالة ما في ذمّته إلى غيره بأن ينتقل ما في ذمته إلى ذمّة ذلك الغير في كمال الوضوح ، بل تسمية الأوّل بالحوالة لا يخلو عن نظر وإشكال.
فرع : وهو أنّه قال الشيخ في المبسوط : لا تصحّ الحوالة إلاّ بشرطين : اتّفاق الحقّين في الجنس والنوع والصفة ، وكون الحقّ ممّا يصح فيه أخذ البدل قبل قبضه (١).
وحاصل ما ذكره اشتراط صحّة الحوالة بشرطين آخرين غير ما ذكرنا وتقدّم.
أحدهما : أن يكون الحقّان ـ أي حقّ المحتال على المحيل مع حقّ المحيل على المحال عليه ـ من جنس ونوع واحد ، وكذلك في الصفات. مثلا لو كان دين زيد على عمرو من الأرز العنبر المتّصف بصفة كذا فيحيله زيد على خالد لحقّ له عليه ، لا بدّ أن يكون حقّه على خالد أيضا كذلك من حيث الجنس ، أي يكون أرزا مثلا لا حنطة ، ومن حيث النوع أي يكون ما له على خالد من الأرز العنبر لا من قسم آخر من أقسام الأرز ، وأن يكون صفاته أيضا مثل صفاته. هذا هو الشرط الأوّل.
وما ذكر في وجه هذا الشرط هو أنّه لو لم نراع اتّفاق الحقّين أدّى إلى أن يلزم المحال عليه أداء الحقّ من غير الجنس الذي عليه ، ومن غير نوعه ، وعلى غير صفته ،
__________________
(١) « المبسوط » ج ٢ ، ص ٣١٣.