بصدده ، فلا يفهم المراد ؛ وأن لا تركن نفسه إلى ما آنست به ؛ فإنّ حبّ الشيء يعمي ويصمّ ؛ وأن لا يعتمد على ما عنده من القواعد والضوابط ؛ لئلاّ يرى المرجوح راجحا وبالعكس.
وشرط العمليّة ، منه (١) أن يكون مخلصا لله ـ عزّ وجلّ ـ في توحيده وعبادته بحيث لا يكون له غرض إلاّ رضا الله في كلّ شيء.
فإذا تمّت له شروط العلم والعمل جميعا على الوجه المطابق للكتاب والسنّة ، حصل له دليل الحكمة الذي لا يعرف الله إلاّ به ؛ فإنّه آلة للمعارف الإلهيّة الحقّة ، وبه يعرف الحكماء العقلاء ، والعلماء النبلاء الواجب تعالى ؛ لأنّه الدليل الذوقيّ العيانيّ الذي يلزم منه الضرورة والبداهة بالمستدلّ عليه ؛ لأنّه نوع من المعاينة. وذلك منحصر في إدراك الفؤاد الذي يدرك الشيء مجرّدا عن جميع ما سوى محض وجود الشيء مع قطع النظر عن جميع العوارض الذاتيّة له ، وهو نور الله الذي ورد فيه : « أنّ المؤمن ينظر بنور الله » (٢) وهو على مشاعر الإنسان كالصدر ، والخيال الذي هو محلّ الصور العلميّة ، كلّيّة أو جزئيّة يرفع الجهل ، والقلب الذي هو محلّ المعاني واليقين يرفع الشكّ والريب.
وبالجملة ، فالمراد بالفؤاد في كلام الأئمّة عليهمالسلام هو الوجود الذي هو أثر لفعل الله ؛ فإنّه لا ينظر إلى نفسه أبدا بل إلى ربّه ؛ لأنّه أثره ، كما أنّ الماهيّة لا تنظر إلى ربّها أبدا بل إلى نفسها.
الثاني : دليل الموعظة الحسنة ، وهو آلة لعلم الطريقة والفريضة العادلة ، أي علم تهذيب الأخلاق وعلم اليقين والتقوى ، كما إذا قلت : إن اعتقدت أنّ لك صانعا ، فلا شكّ في كونك ناجيا من عقوبته ، وإن لم تعتقد فلا تقطع بنجاتك من عقوبته ،
__________________
(١) كذا في النسخ. والصحيح : « منها ».
(٢) « المحاسن » ١ : ٢٢٣ ، باب ما خلق الله تبارك وتعالى المؤمن من نوره ، ح ١.