ما علم أنّه يقع ؛ لوجوبه.
ومنهم : الكعبي (١) وأتباعه القائلون بأنّه لا يقدر على مثل مقدور العبد حتّى لو حرّك جوهرا إلى حيّز وحرّكه العبد إلى ذلك الحيّز ، لم تتماثل الحركتان ؛ وذلك لأنّ فعل العبد إمّا عبث أو سفه أو طاعة ، بخلاف فعل الربّ.
ومنهم : الجبائيان (٢) وأتباعهما القائلون بأنّه لا يقدر على عين مقدور العبد ، وإلاّ لزم إمكان وقوع الفعل والترك معا في وقت واحد إذا اختلفا فيهما ، وإمكان وقوع واحد بمؤثّرين مستقلّين إذا اتّفقا في أحدهما.
والجواب عن الكلّ ـ بعد شبهة الثنويّة والمجوس وتحقيق مذهب الحكماء ـ هو أنّ شيئا ممّا تمسّكتم به ـ على تقدير تمامه ـ لا يدلّ على امتناع الصدور نظرا إلى مجرّد القدرة كما هو المطلوب على ما مرّ ، غاية ما في ذلك إنّما هو امتناع الصدور لمانع ، فلا ينافي إمكانه من حيث هو ، هذا.
وأمّا منكر عموم القدرة في المقام الثاني بحسب التفسير الثاني بعد الثنويّة والمجوس ، فالمعتزلة القائلون باستناد أفعال العباد إليهم ، والحكماء القائلون بوجوب الوسائط في صدور الكثرة عنه تعالى » (٣).
المسألة الثانية : في الصفة الثانية
الثابتة لواجب الوجود بالذات الصانع للممكنات ، أعني علمه تعالى بالذات وبالمعلولات في مقام الذات.
__________________
(١) هو أبو القاسم البلخيّ المعروف بالكعبيّ. راجع « المحصّل » : ٤٢٠ ؛ « كشف المراد » : ٢٨٣ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٣ ؛ « أنوار الملكوت » : ٩١ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٦٣ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ١٠٣ ؛ « إرشاد الطالبين » : ١٩١ ـ ١٩٢.
(٢) « المحصّل » : ٤٢٠ ؛ « كشف المراد » : ٢٨٣ ؛ « مناهج اليقين » : ١٦٤ ؛ « أنوار الملكوت » : ٨٨ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٦٤ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ١٠٢.
(٣) « شوارق الإلهام » : ٥٠٥ ـ ٥٠٩ ، وقد صحّحنا النقل على المصدر.