خلافه من أنّ الله تعالى كان عالما والعلم ذاته ولا معلوم (١) ـ محمول على أنّ المعلوميّة حصلت للمعلوم في مقام الوجود الخارجيّ أو في مقام الذات بمعنى أنّه عالم أزل الآزال كما هو ظاهر قوله عليهالسلام : « ولا معلوم » مع أنّ العقل القاطع سيّما عند التطابق مع النقل يدفع الظاهر ، مضافا إلى أنّ نفس النقل الأقوى مقدّم ، وأنّ الخبر الواحد عند عدم التطابق مع العقل غير حجّة في المسائل الاعتقاديّة والعلميّة كما لا يخفى ، وبالجملة فالعاقل إن عجز عمّا ذكرنا لا بدّ أن يعتقد أنّه عالم بالأشياء قبلها وإن لم يعلم كيفيّة علمها لا أن يقول بمقالته (٢) ؛ فإنّ ذلك لو لم يكن بيّن الفساد وبعيدا عن الصواب ، فلا أقلّ من كونه محلّ الارتياب.
وقال الشيخ المعاصر (٣) في رسالة « حياة النفس » في مبحث علم الله تعالى هذه العبارة :
« وعلمه قسمان : علم قديم هو ذاته ، وعلم حادث وهو ألواح المخلوقات ، كالقلم واللوح وأنفس الخلائق.
فأمّا العلم القديم ، فهو ذاته تعالى بلا مغايرة ولو بالاعتبار ؛ لأنّ هذا العلم لو كان حادثا كان تعالى خاليا منه قبل حدوثه ، فيجب أن يكون قديما لا يخلو إمّا أن يكون هو ذاته بلا مغايرة ، أولا ، فإن كان هو ذاته بلا مغايرة ، ثبت المطلوب ، وإن كان غير ذاته ، تعدّدت القدماء وهو باطل.
وأمّا العلم الحادث ، فهو حادث بحدوث المعلوم ؛ لأنّه لو كان قبل المعلوم ، لم يكن علما ؛ لأنّ العلم الحادث شرط تحقّقه وتعلّقه أن يكون مطابقا للمعلوم ، وإذا لم يوجد المعلوم لم يحصل المطابقة التي هي شرطه ، وأن يكون مقترنا بالمعلوم ، وقبله لم يتحقّق الاقتران ، وأن يكون واقعا على المعلوم ، وقبله لم يتحقّق الوقوع.
__________________
(١) وهي رواية الكلينيّ في « الكافي » ١ : ١٠٧ باب صفات الذات ، ح ١.
(٢) أي بمقالة الشيخ المعاصر.
(٣) هو الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائيّ المعاصر للمؤلّف.