« من عرف نفسه فقد عرف ربّه » (١) إلى غير ذلك. واحتمال إرادته من الحكمة لو لم يكن أظهر فلا أقلّ من التساوي ، مع أنّ الآية الشريفة لا تقتضي حصر الأدلّة في الثلاثة كما هو المدّعى ظاهرا.
وأيضا الدليل الذوقيّ العيانيّ لو سلّم صحّته سيّما بالنسبة إلى الطائفة المذكورة من أسباب عين اليقين الذي هو من خواصّ المقرّبين ، فيلزم عدم اعتبار ما هو من أسباب علم اليقين الذي هو من وظائف عامّة المؤمنين ؛ فإنّ اليقين له أقسام :
الأوّل : علم اليقين بمراتب شتّى من جهة أسباب العلم على وجه البرهان اللمّيّ أو الإنّيّ أو الحدس أو التجربة أو نحو ذلك ممّا يتفاوت بتفاوت المقدّمات.
الثاني : عين اليقين بمراتبه.
الثالث : حقّ اليقين ، ووظيفة العامّة هو الأوّل ، وأمّا غيره فهو من وظائف الأخيار والمقرّبين.
ومنه ما روي عن مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال : « ويحك كيف أعبد ربّا لم أره؟! » (٢) وقوله عليهالسلام : « لو كشف الغطاء لما ازددت يقينا ». (٣)
ثمّ اعلم أنّ البرهان الممكن إقامته على إثبات واجب الوجود هو البرهان الإنّيّ الذي ينتقل فيه من المعلول إلى العلّة ؛ لأنّا نستدلّ من المصنوع الذي هو المعلول على الصانع الذي هو العلّة ، ولا يمكن إقامة البرهان اللمّيّ الذي ينتقل فيه من العلّة إلى المعلول ؛ إذ لا علّة له ؛ لأنّه علّة لكلّ علل.
__________________
(١) « غوالي اللآلئ » ٤ : ١٠٢ / ١٤٩ ؛ « مصباح الشريعة » : ١٣ ، الباب ٥ ، ونسبه كلّ منهما إلى الرسول صلىاللهعليهوآله ، ونسبه الآمدي إلى أمير المؤمنين عليهالسلام في « غرر الحكم ودرر الكلم » ٢ : ١٦٤.
(٢) انظر « المحاسن » ١ : ٣٧٣ باب جوامع التوحيد ، ح [٨١٧] ٢١٩ : « التوحيد » : ١٠٩ باب ما جاء في الرؤية ، ح ٦ ؛ « الكافي » ١ : ٩٨ باب إبطال الرؤية ، ح ٦ ؛ « الإرشاد » ١ : ٢٢٥ ؛ « الاحتجاج » ١ : ٤٩٣ / ١٢٣.
(٣) « مناقب آل أبي طالب » ٢ : ٤٧ ؛ « غرر الحكم ودرر الكلم » ٢ : ١٤٢ ، الفصل ٧٥ ، الرقم ١ ؛ « شرح ابن ميثم البحراني على المائة كلمة لأمير المؤمنين عليهالسلام » : ٥٢ ، الكلمة الأولى ؛ « بحار الأنوار » ٦٤ : ٣٢١.