الحكم عليه بالوجود ونحوه من الأمور العامّة المعقولة ، الموقوف على تصوّرهما معا ، فكلّ ما يصحّ أن يكون معقولا مع غيره ، يصحّ أن يكون مقارنا لمعقول آخر ، وكلّ ما هو كذلك ، يصحّ أن يكون عاقلا إذا كان مجرّدا قائما بذاته ؛ لجواز مقارنتهما في الخارج ؛ لأنّ صحّة المقارنة المطلقة مقدّمة عليها ، وهي مقدّمة على المقارنة في العقل ؛ فالصحّة مقدّمة عليها ، فلا تتوقّف عليها ، وإلاّ يلزم الدور ، فإذا وجد في الخارج مجرّد قائم بذاته ، يكون صحّة مقارنته المطلقة ـ التي لا تتوقّف على المقارنة في العقل ـ بأن يحصل فيه المعقول حصول الحالّ في المحلّ ، وذلك لأنّه إذا كان قائما بذاته ، امتنع أن تكون مقارنته للغير بحلوله فيه ، أو حلولهما في ثالث.
والمقارنة المطلقة تنحصر في هذه الثلاث ، فإذا امتنع اثنتان منها ، تعيّن الثالثة وهي أن تكون مقارنته للمعقول مقارنة المحلّ للحالّ ، ولا نعني بالتعقّل إلاّ مقارنة المعقول للموجود المجرّد القائم بذاته مقارنة الحالّ لمحلّه ، فكلّ مجرّد يصحّ أن يكون عاقلا لغيره ، وكلّ ما هو كذلك ، يصحّ أن يكون عاقلا لذاته ؛ لاستلزام تعقّله الغير إمكان تعقّل أنّه تعقّله ، وذلك يستلزم إمكان تعقّل ذاته ؛ لأنّ تعقّل القضيّة يستلزم تعقّل المحكوم عليه ، فكلّ مجرّد يصحّ أن يكون عاقلا لذاته ، فيجب أن يكون عاقلا لذاته دائما ؛ لأنّ تعقّله لذاته إمّا بحصول نفسه ، أو بحصول مثاله. والثاني باطل ؛ لاستلزامه اجتماع المثلين ، فتعيّن أن يكون تعقّله بحصول نفسه ، ونفسه دائما حاصلة لا تغيب أصلا ، فيكون التعقّل دائما حاصلا ، فثبت أنّ كلّ مجرّد عاقل.
وأورد عليه بأنّه لا يتمّ في علم الواجب تعالى إلاّ أن يقال : إنّه مخصوص بالعلم الحصوليّ ، وغيره يقاس عليه.
وبأنّ تقدّم المقارنة المطلقة على المقارنة الخاصّة إنّما يصحّ إذا كانت المقارنة المطلقة ذاتية لها وهو ممنوع.
وبأنّه يجوز أن يصحّ لذات المجرّد المقارنة المطلقة المتحقّقة في ضمن الفرد الخاصّ ـ أعني المقارنة العقليّة ـ لا لتوقّف المطلقة عليها ، بل لعدم قبول ذات