المجرّد إلاّ هذه المقارنة الخاصّة ، مع أنّ ما ذكر يدلّ على امتناع توقّف المقارنة المطلقة بالنسبة إلى القسم الثالث أيضا من جهة لزوم الدور فيه أيضا على الوجه المذكور.
وبأنّه يجوز أن يكون من خاصيّة بعض المجرّدات أن يعقل المعقولات ، ويمتنع عليه أن يعقل أنّه تعقّلها.
والقياس على ما يجده الإنسان من نفسه لا يفيد حكما كلّيّا يقينيّا.
وفي هذا الباب مذاهب أخر حكي كلّ عن بعض :
الأوّل (١) : القول بكون وجود صور الأشياء في الخارج ـ سواء كانت مجرّدات أو مادّيّات ، مركّبات أو بسائط ـ مناطا لعالميّته تعالى بها حتّى بذاته ؛ لكفاية التغاير الاعتباري من جهة صحّة العالميّة والمعلوميّة في تحقّق النسبة التي يقتضيها حصول العلم ، وعلمه تعالى بغيره بارتسام صوره ، بل بحضورها بأنفسها عنده كعلمنا بذواتنا والأمور القائمة بها. وهو أقوى من الأوّل ، فلا يلزم كثرة الصور في الذات الأحديّ من كلّ وجه بحسب كثرة المعلومات.
وتغيّر المعلوم لا يستلزم تغيّر ذاته من صفة إلى أخرى ، بل التغيّر في العلم إن قلنا : إنّه إضافة [ أو ] إن قلنا : إنّه صفة حقيقيّة ذات إضافة ، وتغيّر الإضافات ممكن.
ولمّا أمكن اجتماع الوجوب بالغير والإمكان الذاتي ، لا يلزم أن لا يعلم الواجب
__________________
(١) قال به السهرورديّ وتبعه المحقّق الطوسيّ وابن كمّونة وقطب الدين الشيرازيّ وشمس الدين محمّد الشهرزوريّ.
انظر « التلويحات » ضمن « مجموعة مصنّفات شيخ الإشراق » ١ : ٣٥٨ ـ ٣٦٥ ؛ « المطارحات » ١ : ٤٨٨ ؛ « حكمة الإشراق » ضمن « مجموعة مصنّفات شيخ الإشراق » ٢ : ١٥٠ ـ ١٥٣ ؛ « شرح مسألة العلم » : ٢٨ ـ ٢٩ ؛ « شرح حكمة الإشراق » لقطب الدين الشيرازيّ : ٣٥٨ ـ ٣٦٥ ؛ « الأسفار الأربعة » ٦ : ١٨١ ؛ « شوارق الإلهام » : ٥١٦ ـ ٥١٨.