وزعم بعض أهل الإشراق إمكان إثباته بالبرهان اللمّيّ بملاحظة حقيقة الوجود. (١)
وهو كما ترى ؛ فإنّ الاستدلال إمّا بحدوث الأجسام والأعراض على وجود الخالق ، وبصفاتها على صفاته ـ كما عن المتكلّمين ـ أو بوجود الحركة على محرّك وبامتناع اتّصال الحركات لا إلى نهاية على وجود محرّك أوّل غير متحرّك ووجود مبدأ أوّل ـ كما عن الحكماء الطبيعيّين ـ أو بالنظر في الوجود ، وأنّه واجب أو ممكن ـ كما عن الحكماء الإلهيّين ـ وكلّ ذلك برهان إنّيّ ؛ لكون الكلّ باعتبار الوجود الخارجيّ المعلوم الذي هو المعلول.
والحاصل : أنّه ينبغي لطالب كلّ علم أن يعرف قبل الشروع فيه أمورا خمسة :
الأوّل : ماهيّته بنفسه ورتبته وشرافته حتّى يكون على بصيرة وشوق في تحصيله ، ولا يخرج حين البحث عن الفنّ.
الثاني : موضوعه ؛ ليكون على بصيرة ، ولئلاّ يبحث عن غيره فيخرج عن الفنّ.
الثالث : محموله ؛ لئلاّ يحمل غيره على ذلك الموضوع فيخرج عن الفنّ.
الرابع : مدركه ؛ لئلاّ يستدلّ بغيره.
الخامس : غرضه وفائدته ؛ ليكون على شوق موجب للاهتمام وعدم صيرورة سعيه عبثا.
فاعلم : أنّه قال المصنّف العلاّمة ـ أعلى الله مقامه ـ :
__________________
(١) نسبه المحقّق الخوانساري قدسسره إلى القيل ، كما في « الحاشية على حاشية الخفري على التجريد » : ٦٧.