التامّ بالمعلول العامّ من الكلّيّ والجزئيّ وأحوالهما وكيفيّاتهما وكمّيّاتهما ونحو ذلك من الموجودات الخارجيّة والذهنيّة ، فلا يعزب عنه شيء من الممكنات ، بل الممتنعات.
وهذا معنى قوله : « والأخير عامّ » بمعنى أنّه يقتضي العلم بالكلّيّات والجزئيّات المجرّدة والمادّيّات.
وقال الفاضل اللاهيجيّ رحمهالله (١) : « أشار بقوله : والإحكام ، والتجرّد ، واستناد كلّ شيء إليه دلائل العلم. إلى دليلين مشهورين :
أوّلهما : في المشهور للمتكلّمين وهو يدلّ على ثبوت علمه تعالى بأفعاله أوّلا ، وبواسطته على ثبوت علمه بذاته. وإنّما قلنا : في المشهور ؛ لأنّ الحكماء أيضا يستدلّون به كما ستعلم.
وثانيهما : للحكماء وهو بالعكس من الأوّل ، أعني أنّه يدلّ على ثبوت علمه بذاته أوّلا ، وبواسطته على ثبوت علمه بمعلولاته.
أمّا الأوّل : فتقريره أنّ أفعاله تعالى محكمة متقنة ، وكلّ من كان فعله محكما متقنا ، فهو عالم.
أمّا الكبرى فبديهيّة بعد الاستقراء والاختبار ؛ فإنّ من رأى خطوطا مليحة أو سمع ألفاظا فصيحة تنبئ عن معان دقيقة وأغراض صحيحة ، لم يشكّ في أنّها صادرة عن علم ورويّة لا محالة.
فإن قيل : كيف يمكن ادّعاء الضرورة في الكبرى وقد أسند جمع من العقلاء الحكماء عجائب خلقة الحيوان وتكوّن تفاصيل الأعضاء إلى قوّة عديمة الشعور سمّوها المصوّرة؟!
قلنا : خفاء الضروري على بعض العقلاء جائز ، على أنّهم لم يجعلوا المصوّرة
__________________
(١) « شوارق الإلهام » ٥٠٩.