هو بصور زائدة على الأشياء مطابقة لها قائمة بذاته تعالى.
[ المذهب ] الثاني : مذهب ثالس الملطيّ ، وهو أنّ علمه تعالى بالأشياء بصور زائدة عليها ومطابقة لها قائمة بذات المعلول الأوّل لا بذاته كما نقل عنه في كتاب الملل والنحل أنّه قال :
إنّ القول الذي لا مردّ له هو أنّ المبدع كان ولا شيء مبدع ، فأبدع الذي أبدع ولا صورة له عنده في الذات ؛ لانّه قبل الإبداع إنّما هو فقط ، وإذا كان هو فقط ، فليس يقدح جهة وجهة حتّى يكون هو صورة ، أو حيث وحيث حتّى يكون هو ذا صورة ، والوحدة الخالصة تنافي هذين الوجهين هو يؤيّس ما ليس بأيس ، وإذا كان هو مؤيّس الأيسات ، فالتأييس لا من شيء متقادم ، فمؤيّس الأشياء لا يحتاج [ إلى ] (١) أن يكون عنده صورة.
ثمّ قال : وأيضا فلو كانت الصورة عنده ، أكانت مطابقة للموجود الخارج ، أم غير مطابقة؟ فإن كانت مطابقة فلتتعدّد تعدّد الموجودات ، ولتكن كلّيّاتها مطابقة للكلّيّات وجزئيّاتها مطابقة للجزئيّات ، ولتتغيّر بتغيّرها كما تتكثّر بتكثّرها ، وكلّ ذلك محال ؛ لأنّه ينافي الوحدة الخالصة. وإن لم تطابق الموجود الخارج فليست إذن صورة إنّما هي شيء آخر.
ثمّ قال : لكنّه أبدع العنصر الذي فيه صور الموجودات والمعلومات ، وانبعث من كلّ صورة موجود في العالم على المثال الذي في العنصر الأوّل ، فمحلّ الصور ومنبع الموجودات كلّها هو ذات العنصر ، وما من موجود في العالم العقلي والعالم الحسّي إلاّ في ذات العنصر صورة له.
قال : ومن كمال الأوّل الحقّ أنّه أبدع مثل هذا العنصر ، فما يتصوّره العامّة في ذاته تعالى أنّ فيها الصور ـ يعني صور المعلومات ـ فهو في مبدعه ، ويتعالى بوحدانيّته
__________________
(١) الزيادة أثبتناها من المصدر.