للأجسام الطبيعيّة ؛ فإنّه لو كان ذاته متعلّقا بالأجزاء لكان وجوب وجوده يتعلّق بأسباب ، وكلّ وجود يتعلّق وجوبه بأسباب لا يكون واجب الوجود بذاته.
ولا يصحّ أيضا أن يكون فيها صفات مختلفة ؛ فإنّه لو كانت تلك أجزاء لذاته ، كان الحكم فيها ما ذكر.
وإن كانت تلك الصفات عارضة لذاته ، كان وجود تلك الصفات إمّا عن سبب من خارج ويكون واجب الوجود قابلا له ، ولا يصحّ أن يكون واجب الوجود بذاته قابلا لشيء ؛ فإنّ القبول لما (١) فيه معنى ما بالقوّة.
وإمّا أن تكون تلك العوارض توجد فيه عن ذاته ، فيكون إذن قابلا كما هو فاعل.
اللهمّ إلاّ أن تكون تلك الصفات والعوارض لوازم ذاته ؛ فإنّه حينئذ لا تكون ذاته موضوعة لتلك الصفات ؛ لأنّ تلك الصفات موجودة فيه ، بل لأنّها لازمة له لأنّه هو.
وفرق بين أن يوصف جسم بأنّه أبيض ؛ لأنّ البياض يوجد فيه من خارج ، وبين أن يوصف بأنّه أبيض ؛ لأنّ البياض من لوازمه وإنّما وجد فيه لأنّه هو لو كان نحو ذلك في الجسم. وإذا أخذت حقيقة الأوّل على هذا الوجه ، ولوازمه على هذه الجهة ، استمرّ (٢) هذا المعنى فيه ، وهو أنّه لا كثرة فيه وليس هناك قابل وفاعل ، بل هو ـ من حيث هو ـ قابل فاعل.
وهذا الحكم مطّرد في جميع البسائط ؛ فإنّ حقائقها هي أنّه تلزم عنها اللوازم ، وفي ذواتها تلك اللوازم على أنّها ـ من حيث هي ـ قابلة فاعلة ؛ فإنّ البسيط عنه وفيه شيء واحد ؛ إذ لا كثرة فيه ولا يصحّ فيه غير ذلك ، والمركّب ما عنه غير ما فيه ؛ إذ هناك كثرة ، وثمّ وحدة ، وحقيقته أنّه يلزمه ذلك ، فيكون عنه وفيه شيئا واحدا ، وكلّ اللوازم هذا حكمها ؛ فإنّ الوحدة في الأوّل هي عنه وفيه لأنّها من لوازمها ، والوحدة في غيره واردة عليه من خارج ، فهي « فيه » لا « عنه » وهو هناك قابل ، وفي
__________________
(١) في « شوارق الإلهام » : « فإنّ القبول ما فيه معنى ما بالقوة ».
(٢) في « شوارق الإلهام » : « يستمرّ ».