أشنع الشناعات (١).
وقال في فصوصه :
« فصّ : واجب الوجود لا موضوع له ولا عوارض له [ ... ] فهو ظاهر (٢). يعني أنّه ظاهر بذاته على ذاته ، والمراد إثبات كونه عالما بذاته ؛ لكونه مجرّدا.
ثمّ قال :
فصّ : واجب الوجود مبدأ كلّ فيض وهو ظاهر بذاته على ذاته ، فله الكلّ من حيث لا كثرة فيه ، فهو ـ من حيث هو ظاهر ـ ينال الكلّ من ذاته ، فعلمه بالكلّ بعد ذاته وعلمه بذاته ، [ ... ] ويتّحد الكلّ بالنسبة إلى ذاته ، فهو الكلّ في حدة (٣).
فصّ : علمه الأوّل لا ينقسم ؛ لأنّه عين ذاته ، وعلمه الثاني عن ذاته إذا تكثّر لم يكن الكثرة في ذاته ، بل بعد ذاته ( وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُها ) (٤) و (٥).
فصّ : كلّ ما عرف سببه من حيث يوجبه فقد عرف ، وإذا رتّبت الأسباب ، فقد انتهت أواخرها إلى الجزئيّات [ انتهاء على سبيل الإيجاب ] (٦) فكلّ كلّيّ وجزئيّ ظاهر عن ظاهريّته الأولى لكن ليس يظهر له شيء منها عن ذواتها داخلة في الزمان والآن ، بل عن ذاته والترتيب الذي عنده شخصا فشخصا بغير نهاية ، فعالم علمه بالأشياء بذاته هو الكلّ الثاني [ لا نهاية له ولا حدّ وهناك الأمر ] (٧) و (٨). انتهى ما أردناه منه.
فقوله : هو الكلّ الثاني ، إشارة إلى اعتبار [ ذاته تعالى مع العلم الصوريّ المتأخّر
__________________
(١) « الجمع بين رأيي الحكيمين » : ١٠٦.
(٢) « فصوص الحكم » للفارابيّ : ٥٣ ، الفصّ ١٠.
(٣) نفس المصدر : ٥٨ ، الفصّ ١١.
(٤) الأنعام (٦) : ٥٩.
(٥) « فصوص الحكم » للفارابيّ : ٦٠ ، الفصّ ١٤.
(٦) العبارات غير موجودة في « شوارق الإلهام » ، الطبعة الحجريّة.
(٧) العبارات غير موجودة في « شوارق الإلهام » ، الطبعة الحجريّة.
(٨) « فصوص الحكم » للفارابيّ : ٥٩ ، الفصّ ١٣.