عن ذاته ، فيكون الكلّ الأوّل هو علمه بذاته الذي هو عين ذاته وعين علمه بالموجودات بالعلم الاتّحاديّ ] (١) الإجماليّ الذي هو عين ذاته وهو المراد من ظاهريّته الأولى.
وقال أيضا :
فصّ : لا يجوز أن يقال : إنّ الحقّ الأوّل يدرك الأمور المبتدعة عن قدرته من جهة تلك الأمور كما ندرك الأشياء المحسوسة من جهة حضورها وتأثيرها فينا ، فتكون هي الأسباب لعالميّة الحقّ ، بل يجب أن يعلم أنّه يدرك الأشياء من ذاته تقدّست ؛ لأنّه إذا لحظ ذاته لحظ القدرة المستقلّة ، فلحظ من القدرة المقدور ، فلحظ الكلّ ، فيكون علمه بذاته سبب علمه بغيره (٢).
ثمّ قال :
ليس علمه بذاته مفارقا لذاته ، بل هو ذاته ، وعلمه بالكلّ صفة لذاته ليست هي ذاته ، بل لازمة لذاته ، وفيها الكثرة غير المتناهية ، فلا كثرة في الذات ، بل بعد الذات ؛ فإنّ الصفة بعد الذات لا بزمان ، بل بترتيب الوجود لكن تلك الكثرة ترتقي به ممّا يطول شرحه.
والترتيب يجمع الكثرة في نظام ، فالنظام وحدة ما ، وإذا اعتبر الحقّ ذاتا وصفات كان الكلّ في وحدة ، فإذا كان كلّ كلّ متمثّلا في قدرته وعلمه ، ومنهما يحصل حقيقة الكلّ مقرّرة ، ثمّ يكثر الموادّ ، فهو كلّ الكلّ من حيث صفاته وقد اشتملت عليها أحديّة ذاته » (٣) انتهى.
فإن قلت : ما معنى قول الفارابيّ وكذا قول الشيخ : « إنّ كثرة الصور كثرة بعد الذات » وظاهر كون العرض متأخّرا عن الموضوع؟
__________________
(١) العبارات غير موجودة في « شوارق الإلهام » ، الطبعة الحجريّة.
(٢) « فصوص الحكم » للفارابيّ : ٩٧ ، الفصّ ٦٦.
(٣) نفس المصدر : ٩٩ ، الفصّ ٦٧.