الشيخ ما يدلّ على المنع. ومرّ أيضا بعض ما قيل على ذلك من أنّ كون الحصول للفاعل آكد من الحصول للقابل لا يدلّ على كون الحصول الآكد علما ؛ لجواز أن يكون تحقّق العلم موقوفا على القيام أو لاتّحاد ، بل الحقّ أنّ حصول المعلول إنّما هو حصول لنفسه إذا كان قائما بذاته ، أو لمحلّه إذا كان قائما بالمحلّ ، وليس حصولا للعلّة إلاّ على نحو من التجوّز.
وما الفرق في ذلك بين حصول المعلول للعلّة وبين حصول العلّة للمعلول؟ فلو كان حصول المعلول للعلّة علما لكان حصول العلّة للمعلول أيضا علما ، ولكنّا عالمين بعللنا بالعلم الحضوريّ ، وليس الأمر كذلك ، فتأمّل.
وأيضا لو كان مثل ذلك الحصول ـ أعني حصول المعلوم للعلّة ـ كافيا في العلم ، لكان اعتبار القيام بذاته في العاقل ضائعا ؛ ضرورة أنّ معلول الصورة المادّيّة حاصل للصورة لا لمادّتها وإنّما يكون الحصول للصورة حصولا لمادّتها إذا كان الحصول في ضمن القيام لا مطلقا ، فيلزم كون الصور الطبيعيّة عاقلة لآثارها الصادرة عنها ؛ لكون الربط ـ الذي اكتفوا به في العاقليّة ـ حاصلا بينهما.
وأيضا يلزم بمثل ذلك كون الصورة المادّيّة عاقلة لذاتها.
[ المبحث ] الرابع : قال بعض (١) من مقلّدة صاحب الإشراق : « حقيقة العلم مساوقة للحصول والوجود مطلقا ، فكلّ موجود يكون معلوما وعالما إلاّ أن يمنع عن ذلك مانع كالحصول لغيره ، فإن اعتبر بما هو ظاهر منكشف متميّز ذو نسبة إلى أمر صالح لأن يكون هذا الشيء ظاهرا له ، منكشفا عنده ، متميّزا لديه ، كان بهذا الاعتبار معلوما ، وذلك الشيء المنسوب إليه عالما.
وإن لم يعتبر بهذا الوجه واعتبر بنسبة أخرى أو بغير نسبة كان موجودا ، فالوجود
__________________
(١) هو السيّد الفاضل الأمير نظام الدين أحمد الشيرازيّ رحمهالله ممّا كتب هو في حاشية الكتاب. ( منه رحمهالله ).