فعليّا متقدّما على ذوات الأشياء قائما بذاته تعالى من ذاته ، وهو المطلوب.
فإن قلت : قد مرّ أنّ كماله ومجده تعالى ليس بتلك الصور ، بل بأن تفيض عنه تلك الصور ، فكماله ومجده إذن بذاته لا بأمر زائد على ذاته ، فكيف يكون تلك الصور (١) كمالا له تعالى؟!
قلت : لا ريب في كون تلك الصور ـ لكونها علما ـ كمالا له تعالى ، لكنّ المراد ممّا مرّ أنّ تلك الصور لمّا كانت فائضة عن ذاته تعالى ، كان كماله تعالى في الحقيقة بذاته لا بأمر زائد على ذاته ، بخلاف ما لو كانت مستفادة من غيره ؛ فإنّه حينئذ يلزم أن يكون كماله بغيره لا بذاته.
ومن هنا ظهر ـ ظهورا بيّنا ـ معنى كون ذاته موضوعة لتلك الصور ، ومتّصفة بتلك اللوازم ؛ لكون تلك الصور واللوازم صادرة عنه تعالى ، لا لكونها حاصلة فيه على ما مرّ في كلام الشيخ غير مرّة.
[ المبحث ] التاسع : ناقض صاحب المطارحات (٢) القائلين بالعلم الحصوليّ بما حاصله : أنّ القول بارتسام الصور في ذاته تعالى على الترتيب العلّيّ يستلزم أن يكون تعالى منفعلا عن الصورة الأولى ؛ لكونها علّة لاستكمال ذاته تعالى بحصول الصورة الثانية.
وأمّا أنّ تلك الصور كمالات له تعالى فلأنّ تلك الصور ـ لكونها ممكنات لا محالة ـ يكون حصولها له تعالى بالقوّة لا بالفعل نظرا إلى ذواتها ، فلذاته تعالى قوّة الاتّصاف بها باعتبار ذواتها الممكنة ، ولا ريب في أنّ كون ذاته تعالى بالقوّة ـ من أيّ جهة كانت ـ نقص ، وزوال تلك القوّة إنّما يحصل بوجود تلك الصور بالفعل في ذاته ،
__________________
(١) في « شوارق الإلهام » : « فكيف حكمت بكون تلك الصور ... ».
(٢) « المطارحات » ضمن « مجموعة مصنّفات شيخ الإشراق » ١ : ٤٧٧ ـ ٤٨٩.