للملزوم ماهيّة غير الوجود ، والواجب تعالى ليس له ماهيّة سوى الوجود ، على ما مرّ في الأمور العامّة ، لكن يشبه أن يكون حكم معقولاته تعالى حكم اللوازم الذهنيّة ؛ لأنّها إنّما تلزمه من حيث عقله تعالى لذاته لا مطلقا ، وعقله لذاته وإن كان عين ذاته لكنّ الاعتبار مختلف ، فهو باعتبار عقله لذاته يلزمه أن يعقل الأشياء ؛ لكون ذاته علّة للأشياء ، والعلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول ، وذوات الأشياء تلزمه باعتبار ذاته ، ومعقولات الأشياء تلزمه باعتبار عقله لذاته.
وعلى هذا تكون جواهر تلك المعقولات جواهر ذهنيّة وأعراضها أعراضا ذهنيّة وإن كان ممّا يصدق عليه مفهوم العرض بحسب الخارج بلا إشكال.
[ المبحث ] العاشر : ذهب جماعة في كيفيّة العلم قبل الإيجاد إلى أنّ ذاته تعالى علم تفصيليّ ببعض الموجودات وهو المعلول الأوّل ، وعلم إجماليّ بسائرها (١).
وبيّن ذلك بعضهم (٢) بما محصّله : أنّ العلم بمعنى ما به الانكشاف لا يجب أن يكون حقيقة المعلوم مساوية له في الماهيّة ، بل قد يكون كما في علم الشيء بالكنه ، وقد لا يكون كما في علم الشيء بالوجه.
وما يقال ـ أنّ حضور غير حقيقة الشيء أو حصوله لا يفيد العلم به ، والمعلوم في الحقيقة في المعلوم بالوجه إنّما هو كنه الوجه لا ذي الوجه ـ فإن أريد أنّ ذا الوجه ليس معلوما أصلا ، فممنوع ، والسند ظاهر. وإن أريد أنّه ليس معلوما بالكنه فممنوع ولا يضرّنا ، ولا يلزم في صورة العلم بالمعدوم تعلّق العلم بالمعدوم الصرف ؛ فإنّ المعدوم الصرف هو الذي لا يكون بحقيقته ولا بما ينكشف به حاصلا للعالم.
ثمّ إنّ العلم الفعليّ ما يكون سببا لوجود المعلوم ومقدّما عليه بالذات أو
__________________
(١) « الأسفار الأربعة » ٦ : ١٨١ ؛ شرح المنظومة ، قسم الفلسفة : ١٦٥.
(٢) هو الأمير نظام الدين أحمد. منه رحمهالله.