لم يوجب تغيّر إضافته تعالى إليهما أيضا.
وبالجملة ، هذا الكلام من المصنّف ليس على ما ينبغي ، بل هو مناسب لمذهب القائلين بالعلم الحصوليّ ، ومأخوذ من كلام الشيخ وغيره من الحكماء في بيان كيفيّة علمه تعالى بالجزئيّات ، وأنّه لا يدخل في علمه تعالى ماض ومستقبل ولا حال ؛ لأنّ علمه تعالى ليس مستفادا من الأشياء ليمكن أن يدخل فيه شيء من ذلك حسب تعلّق الأشياء بالأزمنة الثلاثة ، بل علمه تعالى بالأشياء إنّما هو من ذاته المنزّهة عن الوقوع في شيء من الأزمنة ، وسابق بالذات على الأشياء ، فلا مجال لدخول شيء من الأزمنة فيه.
وكيف كان ، فظهر وثبت من تضاعيف ما ذكرناه في هذا المقام لمن تأمّل حقّ التأمّل أنّ الحقّ الحقيق بالتحقيق ، والقول الحريّ بالتصديق هو أنّ علمه تعالى بجميع الموجودات ـ الكلّيّة والجزئيّة والحادثة والقديمة ـ إنّما هو من ذاته تعالى في ذاته بحيث يطابقه الوجود ، وينطبق عليه النظام الموجود ، وهذا العلم هو سبب فيضان هذا النظام المعقول في الأشياء الموجودة من الأزل إلى الأبد في الطول والعرض ، فلا يعزب عن هذا العلم مثقال ذرّة في السماء ولا في الأرض سواء سمّي هذا العلم حصوليّا أو اتّحاديّا أو إجماليّا أو تفصيليّا بعد ما كان المراد من الحصول غير الحصول من الأشياء في ذاته ، ومن الاتّحاد غير الاتّحاد المعروف بين الاثنين الظاهر الاستحالة ، ومن الإجمال غير الذي فهمه المتأخّرون ، بل ما ذكرناه في تفسير كلام الشيخ المنقول من كتاب النفس ، ومن التفصيل غير التفصيل الذي تلزمه هذه الكثرة العارضة للموجودات على ما عرفت في كلام ابن رشد ، ولا يوجب تغيّر المعلوم تغيّر هذا العلم ؛ لكون العلم بالتغيّر غير مستفاد من الأشياء المتغيّرة ليلزم من تغيّرها تغيّره كما في علمنا بالجزئيّات المتغيّرة من طريق الحواسّ ، ومن سبيل الإشارة الحسّيّة على ما مرّ ، ولهذا ـ أعني لكون هذا العلم غير مستفاد من الأشياء ـ لا يصحّ كون هذا العلم حضوريا لو فرض كون حضور الأمر المباين كافيا في العلم