إلى غير ذلك ممّا روي عن أصحاب العصمة والطهارة ، من ورثة خير أهل الرسالة والسفارة ، صلّى الله عليه وعليهم أجمعين.
هذا آخر ما أردنا إيراده في شرح هذا المقام ، وتحقيق ذلك المرام ، والله تعالى وليّ الإنعام.
وأمّا قوله : ( ويمكن اجتماع الوجوب والإمكان باعتبارين ) فهو جواب عن إشكال على كونه تعالى عالما بالأمور المتجدّدة قبل وقوعها.
وتقريره : أنّها ممكنة لا محالة ؛ لحدوثها ، ويلزم على تقدير تعلّق علمه تعالى بها أن تكون واجبة أيضا ، وإلاّ لأمكن أن لا توجد ، فينقلب علمه تعالى جهلا ، وهو محال.
وتقرير الجواب : أنّها ممكنة لذواتها وواجبة لتعلّق علمه تعالى بها ، فيكون اجتماعهما باعتبارين ، وهو جائز.
فإن قيل : فيلزم وجوب صدور أفعال العباد عنه تعالى ، وهو ينافي كونها اختياريّة لهم ، كان الجواب ما مرّ في مسألة العلم من الأعراض ، وسيأتي من أنّ العلم تابع للمعلوم ، فلا يكون موجبا له ، ولا يلزم من وجوب الأمور المتجدّدة ـ لئلاّ ينقلب علمه تعالى جهلا ـ أن يكون وجوبها من العلم ؛ لجواز أن يكون ذلك لأسباب أخر كإرادة العبد في أفعاله على ما هو الحقّ كما سيأتي ، فتدبّر » (١).
المسألة الثالثة : في أنّه تعالى حيّ
اعلم أنّ الحياة ـ وهي عبارة عن صفة مصحّحة لاتّصاف الوجود (٢) بالعلم والقدرة ؛ فإنّ الجسم بما هو جسم لا يصحّ أن يتّصف بهما ، وكذا الجماد من حيث هو جماد ، والنبات من حيث هو نبات. وأمّا الحيوان فهو من حيث إنّه حيوان يصحّ أن
__________________
(١) « شوارق الإلهام » : ٥٤٩.
(٢) في « أ » و « و» و « ز » : « الموجود ». وما أثبتناه من « ب » وهي النسخة التي عليها خطّ المصنّف.