بحسب اللفظ.
والغرض تصحيح إطلاق الإرادة عليه تعالى التي هي هي بحسب اللغة والعرف بمعنى القصد التابع للشوق ؛ فإنّ ذلك ممتنع عليه تعالى.
وبالجملة ، القصد أمر معلوم بالوجدان لا يمكن أن يكون عين العلم ولا عين الذات ، فكلّ من قال بكون الإرادة عين العلم لا ينبغي أن يكون مراده بها هو القصد ، فيكون مراده أنّه تعالى فاعل بمجرّد العلم المتعلّق بالخيريّة والمصلحة في الفعل ، فتكون إرادته عقليّة محضة.
وهذا هو مراد الفلاسفة من الفاعل بالعناية ، فهؤلاء المحقّقون يوافقونهم في المعنى الذي هو مرادهم من العناية وإن لم يوافقوهم في اصطلاح الفاعل بالعناية بحسب اللفظ.
ثمّ من لم يقل بالعناية والعلم المقدّم في الواجب تعالى من المنتسبين إلى الفلاسفة ، كصاحب الإشراق قال بكونه تعالى فاعلا بالرضى ، وهو ما يكون فعله مقارنا للعلم والشعور من غير تقديم للعلم على الفعل (١).
وأنت خبير بأنّ هذا لا يكون من الفاعل بالإرادة والاختيار في شيء ؛ فإنّ الفاعل المختار ما يكون فعله صادرا عن علم سواء كان ذلك مستتبعا للقصد ، كما في الفاعل بالقصد ، أولا ، كما في الفاعل بالعناية ؛ فإنّ كليهما داخلان في الفاعل المختار.
فأمّا الفاعل بالرضى فليس فعله عن علم أصلا وإن كان مقارنا للعلم ، فلا يكون من الفاعل المختار ، بل هو من الفاعل بالإيجاب ؛ فإنّ الموجب ما لا يكون فعله عن
__________________
(١) نسب إلى الإشراقيّين في « الأسفار الأربعة » ٢ : ٢٢٤ ؛ « الشواهد الربوبيّة » : ٥٥ ؛ « المبدأ والمعاد » للصدر الشيرازيّ : ١٣٤ ؛ « شرح المنظومة » قسم الحكمة : ١٢١. ولم نعثر على تصريح بذلك في مصنّفات شيخ الإشراق.
نعم ، ربّما يستفاد ذلك من كلامه في نفي العناية وعدم قوله بمقالة الدهريّين والمتكلّمين في كونه تعالى فاعلا بالقصد أو بالطبع ، وعدم قوله بالقسر والجبر. راجع « حكمة الإشراق » ضمن « مصنّفات شيخ الإشراق » ٢ : ١٥٣.