العزّ والجلال ، فلذلك عدّتا من صفات الفعل. وخطاب الشارع إنّما هو مع الجماهير ، فينبغي أن يذكر في نعته تعالى معهم ما يكون أدلّ عندهم على الكمال ، وأظهر في العزّ والجلال هذا. ولنا في هذا المقام تحقيق آخر ذكرناه في كتابنا المسمّى بگوهر مراد (١) فليرجع إليه من أراد » (٢).
المسألة الخامسة : في سمعه وبصره
اعلم أنّ الإدراك للمسموعات والمبصرات ـ الذي يراد ممّا ذكر في الآيات والأخبار من كونه تعالى سميعا بصيرا ـ هو علم متعلّق بالمسموعات والمبصرات ، بل بجميع الجزئيّات المحسوسة بإحدى الحواسّ ، فيكون إسناد السمع والبصر إليه تعالى مجازا ؛ إذ ليس له القوّة السامعة والباصرة ؛ لاستلزامهما النقص والاحتياج المنافيين لوجوب والوجود. والدليل النقليّ على ذلك قوله تعالى : ( سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) (٣) ونحو ذلك.
وقال الفاضل اللاّهيجي : « قد علم بالضرورة من الدين ، وثبت في الكتاب والسنّة ، وانعقد عليه إجماع أهل الأديان على أنّه تعالى سميع بصير وإليه أشار بقوله : ( والسمع (٤) دلّ على اتّصافه تعالى بالإدراك ) أي السمع والبصر دون الذوق والشمّ واللّمس ؛ لعدم ورود السمع بها وإن الإدراك يشملها جميعا.
قال المصنّف في شرح رسالة العلم : الإدراك كالجنس للإدراك الحسّي والإدراك العلميّ ، والإدراك الحسّيّ إنّما يحصل بالآلات الجسمانيّة التي هي الحواسّ ، والإدراك العلمي إنّما يحصل للذات العاقلة من غير آلة ، ولذلك لا يدرك حسّ نفسه ولا آلته ؛ فإنّه لا آلة تتوسّط بينه وبينها ، ويدرك الذات العاقلة نفسها وآلاتها وتعقّلاتها.
__________________
(١) « گوهر مراد » : ٢٤٩ ـ ٢٥٧.
(٢) انتهى كلام الفاضل اللاهيجي ، انظر « شوارق الإلهام » : ٥٤٩ ـ ٥٥٤.
(٣) الحجّ (٢٢) : ٦١ و ٧٥ ؛ لقمان (٣١) : ٢٨ ؛ المجادلة (٥٨) : ١.
(٤) في بعض نسخ التجريد : « النقل » بدل « السمع ».