بالآلتين المعروفتين ، واعترفنا بعدم الوقوف على حقيقتهما (١). انتهى.
ولعلّ هذا هو معنى قوله : والنقل (٢) دلّ على اتّصافه بالإدراك ، والعقل على استحالة الآلات ، فتدبّر.
وقريب من هذا ما قال الشارح العلاّمة ـ رحمهالله ـ في شرح هذا الكلام : اتّفق المسلمون كافّة على أنّه تعالى مدرك ، واختلفوا في معناه : والذي ذهب إليه أبو الحسين أنّ معناه علمه بالمسموعات والمبصرات. وأثبت الأشعريّة وجماعة من المعتزلة صفة زائدة على العلم.
والدليل على كونه تعالى سميعا بصيرا السمع ؛ فإنّ القرآن وإجماع المسلمين دلّ على ذلك.
إذا عرفت هذا ، فنقول : السمع والبصر في حقّنا إنّما يكونان بالآلات الجسمانيّة ، وكذا غيرهما من الإدراكات ، وهذا الشرط ممتنع في حقّه تعالى بالعقل ، فإمّا أن يرجع إلى ما ذهب إليه أبو الحسين ، وإمّا إلى صفة زائدة غير مفتقرة إلى الآلات في حقّه تعالى » (٣). انتهى (٤).
المسألة السادسة : في كلامه تعالى
قال الفاضل اللاهيجي : « اعلم أنّ لفظ الكلام حقيقة في هذا الملفوظ المسموع المركّب من الأصوات والحروف. وقد يطلق ويراد به التكلّم أعني القدرة على إلقاء الكلام بالمعنى الأوّل ، وهذا المعنى الثاني هو صفة المتكلّم وقائم به ، والكلام بالمعنى الأوّل هو ما به التكلّم ، وليس صفة للمتكلّم ولا قائما به ، بل هو قائم
__________________
(١) « شرح المواقف » ٨ : ٨٩ ـ ٩٠. وانظر « نقد المحصّل » : ٢٨٨.
(٢) كذا في النسخ ، وفي « شوارق الإلهام » وبعض نسخ « تجريد الاعتقاد » : « السمع ».
(٣) « كشف المراد » : ٢٨٩.
(٤) أي كلام الفاضل اللاهيجي. انظر « شوارق الإلهام » : ٥٥٤ ـ ٥٥٥.