( و ) يدلّ على نفي ( الاتّحاد ) أيضا ؛ لما ذكرنا من أنّ الاثنين لا يتّحدان.
أقول : في جعله من فروع وجوب الوجود نظر لا يخفى على المتأمّل.
وقال بعض المتصوّفة : إذا انتهى العارف نهاية مراتبه انتفت هويّته ، فصار الموجود هو الله وحده ، وهذه المرتبة هو الفناء في التوحيد ، فإن كان المراد بالاتّحاد ما ذكرنا فلا شكّ أنّه باطل. وإن كان المراد غيره ، فلا يمكن نفيه أو إثباته إلاّ بعد تصوّر ما هو المراد.
( و ) يدلّ على نفي ( الجهة ) ؛ لأنّ كلّ ما هو في جهة فهو جسم وجسمانيّ ، وكلّ منهما ممكن ، بل حادث ؛ لما بيّنّا من حدوث الأجسام.
( و ) يدلّ على نفي ( حلول الحوادث فيه ) أيضا اتّفق الجمهور على أنّ الواجب يمتنع أن يتّصف بالحادث أي الموجود بعد العدم خلافا للكراميّة (١).
أمّا اتّصافه بالسلوب والإضافات الحاصلة بعد ما لم يكن (٢) ـ ككونه غير رازق لزيد الميّت ، رازقا لعمرو الموجود ـ وبالصفات الحقيقيّة المتغيّرة المتعلّقات ـ ككونه عالما بهذا الحادث ، قادرا عليه ـ فجائز.
واستدلّوا عليه بوجوه :
الأوّل : أنّه لو جاز اتّصافه بالحادث لجاز النقصان عليه ، وهو باطل بالإجماع.
ووجه اللزوم : أنّ ذلك الحادث إن كان من صفات الكمال كان الخلوّ عنه مع جواز الاتّصاف به نقصا بالاتّفاق ، وقد خلا عنه قبل حدوثه ، وإن لم يكن من صفات الكمال امتنع اتّصاف الواجب ؛ للاتّفاق على أنّ كلّ ما يتّصف هو به يلزم أن يكون صفة كمال.
__________________
(١) « إرشاد الطالبين » : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ؛ « النافع ليوم الحشر » : ٢١ ـ ٢٢ ؛ « مفتاح الباب الحادي عشر » : ١٣٦.
(٢) أي بعد ما لم يكن الاتّصاف.