الواجب ، فيجوز أن يرى ذاته تعالى ، وهو المطلوب.
أقول : شمول الرؤية للجواهر ممنوع ، وما ذكرنا من دليله ـ مع ابتنائه على إثبات الجوهر الفرد ـ مبنيّ على امتناع قيام عرض واحد بمحلّين وهو مسلّم بمعنى أن يقوم عرض بتمامه بمحلّ ، ثمّ يقوم ذلك العرض بتمامه بمحلّ آخر لا بمعنى أن يقوم عرض واحد بمجموع محلّين من حيث المجموع ، فإنّه ليس بممتنع ، واللازم هو القيام بالمعنى الثاني دون الأوّل.
وبعد تسليمه فقد اعترض عليه بوجوه يندفع (١) بما دلّ عليه كلام إمام الحرمين (٢) من أنّ المراد بالعلّة هاهنا ما يصلح لتعلّق الرؤية ، لا المؤثّر في الصحّة على ما فهمه الأكثرون.
فالاعتراض الأوّل : أنّ الصحّة معناها الإمكان وهو أمر اعتباريّ لا يفتقر إلى علّة موجودة ، بل يكفيه الحدوث الذي هو أيضا اعتباريّ.
ووجه اندفاعه : أنّ ما لا تحقّق له في الأعيان لا يصلح متعلّقا للرؤية بالظاهر.
الثاني : أنّه لا حصر للمشترك بينهما في الحدوث والوجود ؛ فإنّ الإمكان أيضا مشترك ، فلم لا يجوز أن يكون هو العلّة؟
ووجه اندفاعه : أنّ الإمكان أمر اعتباريّ لا تحقّق له في الخارج ، فلا يكفي تعلّق الرؤية به.
وأيضا علّة الصحّة يجب أن تكون مختصّة بحال الوجود ، والإمكان ليس كذلك ؛ فإنّ المعدوم متّصف بالإمكان ، فيلزم أن يصحّح رؤيته وهو باطل بالضرورة.
الثالث : أنّ صحّة رؤية الجوهر لا تماثل صحّة رؤية العرض [ أو ذات أحدهما ليس هو الآخر (٣) ] فلم لا يجوز أن يعلّل كلّ منهما بعلّة على الانفراد؟
__________________
(١) الضمير يرجع إلى الاعتراض لا الوجوه ، أي يندفع الاعتراض.
(٢) « شرح المقاصد » ٤ : ١٨٩.
(٣) في المصدر : « إذ لا يسدّ أحدهما مسدّ الآخر ».