المطلب الرابع :
في أنّ الواجب بالذات ـ الذي هو صاحب الكمال ، ومنزّه عن صفات النقص ، وهو صاحب الجلال ـ صاحب صفات الجمال ، التي هي صفات الفعل والصفات الثبوتيّة الإضافيّة ، وهي كثيرة :
منها : الجود ، وهو عبارة عن إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي لا لغرض ولا لعوض (١).
ووجه ثبوته : أنّ واجب الوجود لو أعطى غير من هو أهل للإعطاء يلزم القبح ، ولو كان متعوّضا لكان ناقصا مستكملا ومحتاجا إلى غيره ، ولو كان إعطاؤه لغرض عائد إليه يلزم ذلك أيضا ، وكلّ ذلك ينافي وجوب الوجود.
ومنها : الملك ؛ لأنّ الملك هو الغنيّ المفتقر إليه ، وواجب الوجود كذلك ؛ لأنّه لا يفتقر إلى غيره ؛ لوجوب وجوده وجميع أغياره محتاج إليه ؛ لأنّه منه أو ممّا هو منه.
ومنها : التمام ، وهو الذي حصل له جميع ما يمكن أن يحصل لغيره ، وواجب الوجود كذلك ؛ لامتناع كون كمالاته بالقوّة كما مرّ ، وإلاّ يلزم التغيّر والانتقال المنافي لوجوب الوجود.
ومنها : فوق التمام ، وهو أن يحصل منه جميع ما يمكن أن يحصل لغيره ، وواجب الوجود كذلك ؛ لأنّ وجود جميع أغياره مستند إليه ، مستفاد منه ، وكذلك سائر الصفات.
ومنها : الحقّيّة ، وهي بمعنى الثبوت والدوام وعدم قبول العدم والفناء ، وهي من فروع السرمديّة.
ومنها : الخيريّة ؛ وذلك لأنّه وجود محض والوجود خير محض ، فذات البارئ هو الخير.
__________________
(١) « شرح تجريد العقائد » للقوشجي : ٣٢٣ ـ ٣٣٦.