الذي هو جنس الأجناس ـ لا بدّ له من موجد موجود خارج ؛ حذرا عن الترجيح بلا مرجّح ونحوه وهو الواجب ؛ لانحصار المفهوم في الواجب والممكن والممتنع ، وحيث امتنع كون الممتنع موجدا ؛ لعدم وجوده ، وامتنع كون نفس الممكن علّة ؛ لئلاّ يلزم تقدّم الشيء على نفسه ، أو تحصيل الحاصل ، أو كونه بلا علّة ؛ لما مرّ ، مضافا إلى [ أنّ ] الممكن ما تساوى نسبة الوجود والعدم إلى ذاته ، بمعنى عدم اقتضاء ذات الممكن شيئا منهما حتّى لا يرد عدم تصوّر نسبة شيء إلى المعدوم ، وعدم تصوّر ترجّح أحدهما مع اقتضاء الذات التساوي تعيّن (١) كون موجده هو الواجب بالذات ، فثبت وجوده وهو المطلوب. هذا ما يتعلّق ببيان البراهين العقليّة.
وأمّا ذكر الأدلّة النقليّة ليجتمع البحران ، ويطابق العقل مع النقل سيّما القرآن ، فيتوقّف على ملاحظة الكتاب والسنّة.
أمّا الكتاب ففيه آيات كثيرة :
منها : قوله تعالى : ( اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ ) (٢) الآية.
ومنها : قوله تعالى : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ). (٣)
ومنها : قوله تعالى : ( خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ). (٤)
ومنها : قوله تعالى : ( وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ). (٥)
ومنها : قوله تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُ
__________________
(١) جواب لقوله آنفا : « وحيث امتنع ... ».
(٢) إبراهيم (١٤) : ٣٢.
(٣) لقمان (٣١) : ٢٥ ؛ الزمر (٣٩) : ٣٨.
(٤) النحل (١٦) : ٤.
(٥) النحل (١٦) : ٥.