الواجب الوجود بالذات ، وأنّه صاحب صفات الكمال والجمال ، وأنّه منزّه عن صفات النقص ، وصاحب الجلال ، وأنّ صفاته الذاتية عين الذات ـ لا بدّ أن يعتقد بالجنان ، ويقرّ باللسان بأنّ ذلك الواجب الوجود بالذات ، المعروف بتلك الوجوه الخمسة واحد من جميع الجهات من التوحيد الذاتيّ والجزئيّاتيّ والصفاتيّ والأفعاليّ والعباداتيّ ، ردّا على المشركين كالثنويّة القائلين باليزدان وأهرمن ، أو النور والظلمة (١) ، ومن اتّخذ آلهة ثلاثة (٢) وأمثالهم. ولا بدّ أن يكون ذلك بالبراهين العقليّة والنقليّة من الكتاب والسّنّة.
أمّا البراهين العقليّة :
فمنها : أنّ التعدّد بوجود الشريك مفهوم من المفاهيم ، وكلّ مفهوم إمّا واجب ، أو ممكن ، أو ممتنع ، فالتعدّد إمّا واجب ، أو ممكن ، أو ممتنع.
لا سبيل إلى الأوّل ، وإلاّ يلزم عدم وجود الواجب أصلا ؛ لأنّ وجوب التعدّد لو كان لكان بمقتضى ذات الواجب ؛ لئلاّ تلزم المعلوليّة في الواجب ، فيكون وجود الواجب من غير تعدّد محالا ، وإلاّ يلزم عدم اللزوم ، أو انفكاك اللازم عن الملزوم فيلزم عدم تحقّقه في أفراده ؛ لأنّه في كلّ فرد واحد ، فيلزم ما ذكر ، وهو محال.
ولا سبيل إلى الثاني ، وإلاّ يلزم إمكان الواجب الذي يحصل به التعدّد ، وهو أيضا محال ؛ لاستحالة اجتماع النقيضين ، فتعيّن الثالث ، وهو كون التعدّد ممتنعا ، وهو المطلوب.
ومنها : أنّ وجود الشريك لواجب الوجود بالذات ممتنع في الماهيّة والوجود.
أمّا امتناع وجود الشريك في الماهيّة ، فلأن الماهيّة المشتركة إن كانت تمام
__________________
(١) انظر « شرح الأصول الخمسة » : ٢٨٤ ـ ٢٩١ ؛ « الملل والنحل » ١ : ٢٣٠ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٢١ ـ ٢٢٢ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ٤٣ ـ ٤٤ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٤٠.
(٢) هذا الكلام تعريض بالنصارى. انظر « الملل والنحل » ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢٨ ؛ « شرح الأصول الخمسة » : ٢٩١ ـ ٢٩٨ ؛ « مناهج اليقين » : ٢٢٢ ـ ٢٢٣ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٤٢.