الثاني : الوجود المطلق.
الثالث : الوجود المقيّد وهو الوجود الخاصّ الممكن.
والوجود المنتزع هو الوجود المطلق لا الوجود الحقّ ، فلو تعدّد الواجب يلزم الاشتراك في الوجود الحقّ ، فيحتاج إلى ما به الامتياز ، فيلزم التركّب الموجب للاحتياج إلى الأجزاء والمركّب ، المنافي لوجوب الوجود ، وإلاّ يلزم أن يكون الماهيّة الواحدة تمام ماهيّة حقيقتين مختلفتين في تمام الماهيّة ، وهو بديهيّ البطلان ، مضافا إلى أنّ ما ذكرنا آنفا يحسم مادّة تلك الشبهة ، كما لا يخفى.
وأمّا البراهين النقليّة الواردة في الكتاب :
فمنها : قوله تعالى : ( لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا ) (١).
ومنها : قوله تعالى : ( مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ) (٢).
بيان :
يمكن أن يكون المراد أنّه لو تعدّد الإله لكان كلّ فرد من أفراد الواجب الوجود بالذات ، وكاملا في الصفات كالعلم والقدرة والحياة ، فيكون كلّ فرد علّة مستقلّة في أفعاله ، فلا يمكن أن يكون مخلوق واحد مخلوقا للاثنين ؛ لامتناع توارد علّتين مستقلّتين على معلول واحد شخصيّ ؛ حذرا عن عدم استقلال كلّ منهما ، أو تحصيل الحاصل ، فيكون كلّ مخلوق مخلوقا لخالق على حدة ، فيذهب كلّ إله بما خلق ، ولعلا بعض المخلوقين على بعض ، بناء على وحدة محدّد الجهات المحيط بالعالم ، فيلزم التفاوت في المخلوق مع التساوي في الخالق ، وهو محال.
أو المراد أنّه لو تعدّد الإله ، فإمّا أن يكون كلّ فرد علّة مستقلّة ، أم يكون بعض الأفراد علّة مستقلّة ، وبعضها غير مستقلّة ، مستندا إلى الآخر ، محتاجا إليه.
__________________
(١) الأنبياء (٢١) : ٢٢.
(٢) المؤمنون (٢٣) : ٩١.