على نبضه الباطنيّ حتّى يعيّن مرضه الباطنيّ ، ويعالجه بالعلاج الباطنيّ وهو العارف الإلهيّ ، فأهل العرفان محبوبون غير مبغوضين.
لأنّا نقول : إنّ الله قد بعث الحكيم الإلهي ، المظهر للأوامر والنواهي ، المتمّم لمكارم الأخلاق ، الطبيب لأهل الآفاق ، الرسول على الإطلاق ، فمن أراد السلوك إلى الحقّ ، يتبعه وأوصياءه وأمناءه ، ولكم في رسول الله أسوة حسنة وهم أطبّاء إلهيّون ، وحكماء ربّانيّون إيمانيّون ، وأمّا الذين في قلوبهم زيغ فيتّبعون ما تشابه ، ومرجعهم أهل الضلال والحكماء اليونانيّون. ونعم ما قال :
آنچه مى گويند أصحاب ضلال |
|
تار او وهمست وپود آن خيال |
كما لا يخفى ذلك على أهل الإنصاف والعدل.
ويظهر ممّا ذكرنا أيضا ما ذكر في « الأسفار » حيث قال :
« اعلم أنّ مذهب الصوفيّة أنّ ذاته تعالى من حيث وجوده وهويّته مع قطع النظر عن الصفات والتعيّنات والمفهومات ـ حتّى مفهوم الذات والوجود والهويّة ـ مرتبة جمع الجمع ، وباعتبارها مرتبة الجمع ومقام الفرق ؛ إذ في هذه المرتبة تتميّز الصفة عن الذات وتتميّز الصفات بعضها عن بعض ، فيتميّز العلم عن القدرة وهي عن الإرادة ، فتتكثّر الصفات وبتكثّرها تتكثّر الأسماء وتتكثّر مظاهرها ، وإذا نزلت الحقائق من هذا العالم إلى مرتبة الصور النفسانيّة صارت إلى مقام فرق الفرق ، والحقائق المتأصّلة ـ كالإنسان وغيره من الأنواع ـ لكلّ منها أنحاء من الكون ، ودرجات ومقامات في الوجود ، ونشئات في الكمال ، كلّ ما هو أرفع وأشرف كان الوجود فيه أقدم ، ووحدته أقوى وإحاطته بما سواه أكثر ، وجمعيّته أشدّ ، ونوريّته أظهر ، وآثاره أوفر ، حتّى يبلغ إلى مقام يزول عنه النقائص كلّها حتّى الإمكان ، ففي هذا المقام وقع التصالح بين المتفاسدات ، والتعانق بين المتضادّات ، والتأحّد بين الكثرات ، فكانت موجودة بوجود واحد ، معلومة بعلم واحد ، كما عبّر عن هذا المقام لسان الرسول الختمي عليهالسلام : لي مع الله وقت