أما تستحيون؟ ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا [ إلاّ ] (١) أن يكون يأتي من عند الله بشيء ، ثمّ يأتي بخلافه من وجه آخر ».
قال أبو قرّة : فإنّه يقول : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى ) (٢) فقال أبو الحسن عليهالسلام : « إنّ بعد هذه الآية ما يدلّ على ما رأى ؛ حيث قال : ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) (٣) يقول : ما كذب فؤاد محمّد صلىاللهعليهوآله ما رأت عيناه ، ثمّ أخبر بما رأى ، فقال : ( لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى ) (٤) فآيات الله غير الله وقد قال الله : ( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ) فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة » فقال أبو قرّة : فتكذّب بالروايات؟ فقال أبو الحسن عليهالسلام : « إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذّبتها. وما أجمع المسلمون عليه أنّه لا يحاط به علما ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شيء » (٥).
[ و ] عن محمّد بن عبيد ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليهالسلام أسأله عن الرؤية وما ترويه العامّة والخاصّة ، وسألته أن يشرح لي ذلك ، فكتب بخطّه : « اتّفق الجميع ـ لا تمانع بينهم ـ أنّ المعرفة من جهة الرؤية ضرورة ، فإذا جاز أن يرى الله بالعين وقعت المعرفة ضرورة ، ثمّ لم تخل تلك المعرفة من أن تكون إيمانا أو ليست بإيمان.
فإن كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية إيمانا ، فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان ؛ لأنّها جنده ، فلا يكون في الدنيا مؤمن ؛ لأنّهم لم يروا الله عزّ ذكره.
وإن لم تكن تلك المعرفة التي من جهة الرؤية إيمانا ، لم تخل هذه المعرفة التي من جهة الاكتساب أن تزول أو لا تزول في المعاد ، فهذا دليل على أنّ الله ـ عزّ ذكره ـ
__________________
(١) ليست في المصدر.
(٢) النجم (٥٣) : ١٣.
(٣) النجم (٥٣) : ١١.
(٤) النجم (٥٣) : ١٨.
(٥) « الكافي » ١ : ٩٥ ـ ٩٦ باب في إبطال الرؤية ، ح ٢.